مثلا ماهية هو الحيوان الناطق ووجود هو الحصة من مفهوم الكون وأمر ثالث هو ما صدق عليه الوجود وهو عارض للماهية معروض للحصة وهذا مما لم يقل به أحد ولم يقم عليه دليل وإذا اعتبر هذا ببياض الثلج لزم أن يكون فيه بياض عارض هو الحصة من مفهوم البياض وآخر معروض لهذه الحصة عارض للثلج هو بياضه الخاص والجواب أن معنى الحصة من مفهوم الكون هو نفس ذلك المفهوم مع خصوصية مالا ما صدق هو عليه من الوجودات المتخالفة وكما لا نزاع لهم في زيادة مفهوم الكون فكذا في الحصة كيف وقد اتفقوا على أن حقيقة الواجب غير معلومة ومفهوم الكون معلوم بل بديهي وكذا قيد الوجوب مثلا وإنما النزاع في أن يكون لوجوده الخاص ماهية مغايرة له بحسب المفهوم كما في الممكنات وإذا تقرر أنه لا معنى للحصة من مفهوم العام الأنفس ذلك المفهوم مع خصوصية ما فكل من قال بكون الوجود مقولا على الوجودات بالتشكيك وأن المقول بالتشكيك لا يكون ماهية أو جزء ماهية لما تحته بل عارضا فقد قال بأن في الممكن أمرا وراء الماهية والحصة من مفهوم الكون هو وجوده الخاص الذي به تحققه في الأعيان بل نفس تحققه وكل دليل دل على ذلك فقد دل على هذا إلا أن هذا التغاير إنما هو بحسب العقل لا غير فليس في الخارج للإنسان مثلا أمر هو الماهية وآخر هو الوجود فضلا عن أن يكون هناك وجودان على أنا لو فرضنا كون وجوده زائدا على الماهية بحسب الخارج أيضا كما في بياض الثلج لم يلزم ذلك لأن مفهوم العام أو الحصة منه صورة عقلية محضة ولو سلم فاتحاد الموضوع والمحمول بحسب الخارج ضروري فمن أين يلزم في الإنسان وجودان وفي الثلج بياضان (وقال ثم إن جمعا) قد اشتهر فيما بين جمع من المتفلسفة والمتصوفة أن حقيقة الواجب هو الوجود المطلق تمسكا بأنه لا يجوز أن يكون عدما أو معدوما وهو ظاهر ولا ماهية موجودة أو مع الوجود لما في ذلك من الاحتياج والتركب فتعين أن يكون وجودا وليس هو الوجود الخاص لأنه إن أخذ مع المطلق فمركب أو مجرد المعروض فمحتاج ضرورة احتياج المقيد إلى المطلق وضرورة أنه لو ارتفع المطلق لارتفع كل وجود وحين أورد عليهم أن الوجود المطلق مفهوم كلي لا تحقق له في الخارج وله أفراد كثيرة لا تكاد تتناهى والواجب موجود واحد لا تكثر فيه أجابوا بأنه واحد شخصي موجود بوجود هو نفسه وإنما التكثر في الموجودات فبواسطة الإضافات لا بواسطة تكثر وجوداتها فإنه إذا نسب إلى الإنسان حصل موجود وإلى الفرس فموجود آخر وهكذا وعلى هذا فمعنى قولنا الواجب موجوداته وجود ومعنى قولنا الإنسان أو الفرس أو غيره موجود أنه ذو وجود بمعنى أن له نسبة إلى الواجب وهذااحترازعن شناعة التصريح بأن الواجب ليس بموجود وأن كل وجود حتى وجود
(٧٣)