فهو بحيث لو وجد كان متصفا بتلك الصفات يجوز أن نشك في أنه موجود في الخارج ليس بشيء لأنه لا يتفرع حينئذ على كون المعدوم شيئا وثابتا في الخارج بل يصح على قول النافين أيضا ألا يرى أنا نستدل على وجود الواجب ومعناه أن الذات المتصفة بوجوب الوجود يفتقر التصديق بوجودها إلى الدليل ونقطع بأن الشريك الباري ممتنع ومعناه أن الذات المتصفة بالوجود وسائر صفات الكمال المغايرة للباري تعالى وتقدس تمتنع أن يوجد في الخارج واعلم أنهم وإن جعلوا هذا التفريع متفقا عليه إلا أنه إنما يصح على رأي القائلين بأن للمعدوم صفة (قال واختلافهم) من تفاريع القول بكون المعدوم شيئا اختلافهم في أن الذوات المعدومة هل تتصف بصفة الجنس كالجوهر بالجوهرية والسواد بالسوادية إلى غير ذلك وبما يتبع صفة الجنس كالحلول في المحل التابع للسوادية مثلا فقال الجمهور نعم لأنها متساوية في الذاتية فلو لم تتخالف بالصفات لكانت واحدة ولأنها إما متماثلة في العدم فتكون متماثلة في الوجود لأن ما بالذات لا يزول بالعرض وإما متخالفة فتكون بالصفات ضرورة اشتراكها في الذاتية ولأن التحيز اللازم للجوهر حالة الوجود ليس لأنه ذات ولا لأنه موجود وإلا لكان لازما للعرض فتعين أن يكون لصفة يتصف بها في العدم وأجيب بأن التساوي في الذاتية لا يمنع الاختلاف بالحقيقة كالحقائق المتشاركة في الوجود وحينئذ لا يرد شيء مما ذكر وذهب أبو إسحق بن عياش إلى أنها في العدم عارية عن جميع الصفات لأنها لما كانت متساوية في الذات فاختصاص بعضها بصفة معينة لا تكون لذاته وهو ظاهر ولا لصفة أخرى وإلا تسلسل بل لمباين ولا يجوز أن يكون موجبا لأن نسبته إلى الكل على السواء فيكون مختارا وفعل المختار حادث فيلزم كون المعدوم موردا للصفات المتزايلة وهو باطل بالاتفاق فتعين أن يكون ذلك حالة الوجود والجواب أنه يجوز أن يكون لذاته المخصوصة فظهر أن مبنى كلام الطرفين على عدم التفرقة بين العارض الذي هو الذات المطلقة والمعروض الذي هو الذات المخصوصة ومنها اختلافهم في أن التخير هل يغاير الجوهرية فالجمهور على أن الجوهرية صفة تابعة للجوهر حالتي الوجود والعدم والتحيز وهو اقتضاء الجوهر حيزا ما صفة تابعة ثابتة للجوهر الموجود أي صادرة عن الجوهر بشرط الحدوث ويسمونه الكون وحصول الجوهر في الحيز المعين ويسمونه الكائنية معلل بالتحيز بمعنى الكون وذهب الشحام والبصري وابن عياش إلى أن الجوهرية نفس التحيز إذ لا معنى للجوهرية إلا المتحيز بالذات ومنها اختلافهم في أن المعدومية هل هي صفة ثابتة للمعدومات حالة العدم فأثبته أبو عبد الله البصري ونفاه غيره لأنها لافتقارها إلى الذات ممكن فإن كان علتها الذات أو الفاعل الموجب من غير توسط الاختيار أصلا لزم دوامها فلا توجد الذات وإن كان هي الفاعل بالاختيار ابتداء أو انتهاء لزم حدوثها وهو محال ومنها اختلافهم
(٨٩)