شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٨٧
منهم كيف ادعوا أن جزء الموجود يجب أن يكون من أفراد اللاموجود الذي هو نقيض الموجود ويمتنع أن يكون من أفراد المعدوم الذي ليس عندهم نقيض الموجود بل أخص منه قال وإنما يلزم الجهل اعترض الإمام على قولهم لا تمايز بين الأجناس والفصول في الأعيان بل في الأذهان بأن حكم العقل إن طابق الخارج عاد كلام مثبتي الحال وثبت المطلوب وإن لم يطابق كان جهلا ولا عبرة به فأجيب بأن الكلام في تصور الأجناس والفصول ولا حكم فيه تعتبر مطابقته ولا مطابقته وإنما يلزم الجهل لو حكم بأنها متمايزة في الخارج ولا تمايز فدفع بأن مراده أن هذه التصورات بل الصور إن طابقت الخارج فذاك وإلا كان جهلا والجواب أنه إن أريد بالمطابقة أن يكون في الخارج بإزاء كل صورة هوية على حدة فلا نسلم لزوم الجهل على تقدير عدمها وإنما يلزم لو أخذت في الذهن على أنها صور لأمور متمايزة في الخارج وإن أريد بالمطابقة أن تكون بإزائها هوية يكون المتحقق بها في الخارج تلك الهوية والمتحقق من تلك الهوية في الذهن تلك الصور فلا نسلم أن المطابقة تستلزم أن يكون هناك أمور متمايزة بحسب الخارج وإنما يلزم ذلك لو لم ينتزع العقل من أمر واحد صورا مختلفة باعتبارات مختلفة على ما سيحقق في بحث الماهية قال ونوقض الوجهان بالحال تقرير الأول أن الأحوال لو كانت ثابتة لكانت متشاركة في الثبوت متخالفة بالخصوصيات فكان ثبوتها زائدا عليها ضرورة أن ما به الاشتراك مخالف لما به الامتياز وثبوتها ليس بمنفي فيكون ثابتا ويتسلسل لما ذكرتم في الوجود وتقرير الثاني أن الحال قد يكون كليا محمولا على جزئيات ثابتة فإن كان ثابتا كان متشخصا وإن كان منفيا امتنع كونه جزأ من الثابت وكذا إذا كان جنسا لأنواع وإذا كان من أجناس الأعراض لزم قيام العرض بالعرض على ما ذكرتم فما هو جوابكم فهو جوابنا فإن قيل الحال لا تقبل التماثل والاختلاف لأن ذلك من صفات الموجود فلا يتحقق فيها ما به الاشتراك وما به الاختلاف ليلزم زيادة ثبوتها ويتسلسل ولا يتعين حال للكلية وآخر للجزئية أو حال للحالية وآخر للمحلية ليلزم ما ذكرتم بخلاف الموجودات فإنها قابلة لذلك باعترافكم وأيضا لا نسلم استحالة التسلسل في الأمور الثابتة وإنما قام الدليل على استحالته في الموجودات قلنا قبولها التماثل والاختلاف ضروري لأن المعقول من الشيء إن كان هو المعقول من الآخر فهما متماثلان وإلا فمختلفان وما قيل أنهم جعلوا التماثل والاختلاف إما حالا أو صفة وعلى التقديرين فلا يقوم إلا بالموجود ليس بشيء لأن الصفة قد تقوم بالثابت وإن لم يكن موجودا وإن أريد أنه حال أو صفة موجودة فممنوع واستحالة التسلسل في الأمور الثابتة مما قام عليه بعض أدلة امتناع التسلسل على ما سيجيء وأما ما ذكره الإمام من أنا لو جوزناه انسد إبطال حوادث لا أول لها وإثبات الصانع القديم فضعيف لأنا لا نجوزه في الموجودات وبه يتم إثبات الصانع وتقرير القوم في النقض
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»