شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٨٢
اتصاف بحسب الخارج كما بين البياض والجسم وإنما ذلك بحسب الذهن فقط وإلا لزم اتصاف المعدوم بالوجود لأن الماهية بدون الوجود لا تكون بحسب الخارج إلا معدومة إذ الماهية من حيث هي هي إنما هي في التصور فقط لأنا نجيب عن الأول بأنه لو سلم زيادة اتصاف الاتصاف بالثبوت على نفس الاتصاف فلانم نفي استحالة التسلسل في الثابتات وإنما قام الدليل عليه في الموجودات وعن الثاني بأنا لانم استحالة اتصاف المعدوم الثابت بالوجود وصيرورته عند الاتصاف موجودا بذلك الوجود كالجسم الغير الأسود يتصف بالسواد ويصير أسود بذلك السواد وإنما يستحيل ذلك فيما ليس بثابت في الخارج وهذا ما ذكره الإمام من أن القول بثبوت المعدوم متفرع على القول بزيادة الوجود بمعنى أنهم زعموا أن وجود السواد زائد على ماهيته ثم زعموا أنه يجوز خلو تلك الماهية عن صفة الوجود وأيضا لما اعتقدوا أن الوجود صفة تطرأ على الماهية وتقوم بها ولم يتصور ذلك في النفي الصرف انتج لهم ذلك كون الماهية ثابتة قبل الوجود ويجوز العكس لأن الماهية إذا كانت ثابتة قبل الوجود لم يكن الوجود نفسها وإلا لكان ثبوتها ثبوته وارتفاعها ارتفاعه الثاني أن المعدوم متصف بالعدم الذي هو صفة نفي لكونه رفعا للوجود الذي هو صفة ثبوت والمتصف بصفة النفي منفي كما أن المتصف بصفة الإثبات ثابت وأجيب بأنه إن أريد بصفة النفي صفة هي نفي في نفسه وسلب حتى يكون معنى المتصف به هو المنفي فلانم أن كل معدوم متصف بصفة النفي وإنما يلزم لو كان العدم هو النفي وليس كذلك بل أعم منه لكونه نقيضا للوجود الذي هو أخص من الثبوت وإن أريد بها صفة هي نفي شيء وعليه كاللاتحيز واللاحدوث مثلا فظاهر أن المتصف به لا يلزم أن يكون منفيا كالواجب يتصف بكثير من الصفات السلبية إذ ليس يمتنع اتصاف الموجود بالصفات العدمية كما يمتنع اتصاف المعدوم بالصفات الوجودية الثالث لو كانت الذوات ثابتة في العدم وعندكم أن ثبوتها ليس من غيرها كانت واجبة إذ لا معنى للواجب سوى هذا فيلزم وجوب الممكنات وتعدد الواجب وتقريرهم أنها لو كانت ثابتة فثبوتها إما واجب فيتعدد الواجب أو ممكن فيكون محدثا مسبوقا بالنفي فتكون الذوات من حيث هي مسبوقة بالنفي وهو مع ابتنائه على كون كل ممكن الثبوت محدثا بمعنى المسبوق بالنفي لا ينفي كون الذوات ثابتة بدون الوجود بل غايته أن ثبوتها في العدم مسبوق بنفيها وأجيب بأن الواجب ما يستغني عن الغير في وجوده لا في ثبوته الذي هو أعم الرابع أن الذوات الثابتة في العدم غير متناهية عندكم وهذا محال لأن القدر الذي خرج منها إلى الوجود متناه اتفاقا فيكون الكل أكثر من القدر الذي بقي على العدم بقدر متناه وهو القدر الذي دخل في الوجود فيكون الكل متناهيا بكونه زائدا على الغير بقدر متناه وأجيب بأنا لانم أن الزائد على الغير بقدر متناه يكون متناهيا وإنما يكون كذلك لو كان ذلك الغير متناهيا وليس كذلك لأن الباقية
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»