شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٨٦
بخيار أنه معدوم واتصاف الشيء بنقيضه إنما يمتنع بطريق المواطأة مثل أن الوجود عدم والموجود معدوم وإما بطريق الاشتقاق مثل أن الوجود ذو عدم فلا نسلم استحالته فإنه بمنزلة قولنا الحيوان ذو لا حيوان هو السواد أو البياض وسائر ما يقوم به من الأعراض والأقرب أنه إن أريد الوجود المطلق فمعدوم أو الخاص كوجود الواجب ووجود الإنسان فموجود ووجوده زائد عليه عارض له هو المطلق أو الحصة منه وليس له وجود آخر ليتسلسل فإن أريد بكونه موجودا بوجود هو نفسه هذا المعنى فحق وإن أريد بمعنى أنه نفسه وجود فلا يدفع الواسطة بين المعدوم والموجود بمعنى ما له الوجود هذا والحق أن الشبهة قوية الثاني أن الكلي الذي له جزئيات متحققة مثل الإنسان ليس بموجود وإلا لكان مشخصا فلا يكون كليا ولا معدوم وإلا لما كان جزأ من جزئياته الموجودة كزيد مثلا لامتناع تقوم الموجود بالمعدوم وأيضا الجنس كالحيوان ليس بموجود لكليته ولا معدوم لكونه جزأ من الماهية الحقيقية كالإنسان وأيضا جنس الماهيات الحقيقية من الأعراض كلونية السواد ليس بمعدوم لما ذكر ولا موجود لاستلزامه قيام العرض بالعرض قيل اي اللون بالسواد لأنه المحمول طبعا وقيل بالعكس لأن الجنس مقوم للنوع وقيل أي اللون بالمفصل الذي هو قابض البصر مثلا لكونه المحمول وقيل بالعكس لكون الفصل مقوما للجنس والكل فاسد لأن جزء المركب سيما المحمول عليه لا يكون عرضا قائما به ولا بالعكس وكذا المحمول الأعم والنعت لا يلزم أن يكون عرضا للموضوع بل يمتنع لأن العرض لا يكون محمولا على المحل إلا بالاشتقاق وكذا المقوم للشيء بمعنى كونه داخلا في قوامه كالجنس للنوع أو بمعنى كونه علة لتقومه وتحصله ماهية حقيقية كالفصل للجنس لا يقتضي كون ذلك الشيء عرضا قائما به سيما إذا كان محمولا ألا ترى أن الحيوان محمول على الإنسان مقول له ومحمول على الناطق خارج والناطق مقوم له علة لتحصله وكان الغلط من اشتراك لفظ العروض والقيام وإلى ما ذكرنا أشار في المتن بقوله على أن مثل هذا القيام ليس من قيام العرض بالمحل في شيء ولم يتعرض لمنع امتناع قيام العرض بالعرض لأنه ربما ثبت بالدليل أو يكون على طريق الإلزام ولما كان ههنا تحقيق به يخرج الجواب عن هذا الوجه بالكلية جعلناه العمدة وهو أن ليس في الخارج تمايز بين الكلي والتشخص يحصل من تركبهما الشخص ولا بين الجنس والفصل يحصل من تركبهما النوع لظهور أن ليس في الخارج شيء هو الإنسان الكلي وآخر هو خصوصية زيد يتركب منهما زيد وكذا ليس في الخارج شيء هو اللون وآخر هو قابض البصر وآخر مركب منهما هو السواد ليلزم من قيام واحد من الثلاثة بآخر منها على ما مر من التفصيل قيام العرض بالعرض بل في الوجود أمر واحد وإنما التركب والتمايز بحسب العقل فقط فلا يلزم منه إلا كون الكلي أو الجنس موجودا في الذهن ولا استحالة فيه وأنا أتعجب
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»