شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٨٠
ليس بثابت فكذا للمعدوم وكما أنه لا واسطة بين الثابت والمنفي فكذا بين الموجود والمعدوم وأما الشيئية فتساوق الوجود بمعنى أن كل موجود شيء وبالعكس ولفظ المساوقة يستعمل عندهم فيما يعم الاتحاد في المفهوم فيكون اللفظان مترادفين والمساواة في الصدق فيكونان متباينين ولهم تردد في اتحاد مفهوم الوجود والشيئية بل ربما يدعي نفيه بناء على أن قولنا السواد موجود يفيد فائدة يعتد بها بخلاف قولنا السواد شيء فصار الحاصل أن كل ما يمكن أن يعلم إن كان له تحقق في الخارج أو الذهن فموجود وثابت وشئ وإلا فمعدوم ومنفي ولا شيء وأما المخالفون فمنهم من خالف في نفي الواسطة وإليه ذهب من أصحابنا إمام الحرمين أولا والقاضي ومن المعتزلة أبو هاشم فقالوا المعلوم إن لم يكن له ثبوت أي في الخارج لأن مبنى الكلام على نفي الوجود الذهني وإلا فالمعلوم موجود في الذهن قطعا فهو المعدوم وإن كان له ثبوت فإن كان باستقلاله وباعتبار ذاته فهو الموجود وإن كان باعتبار التبعية للغير فهو الحال فهو واسطة بين الموجود والمعدوم لأنه عبارة عن صفة للموجود لا تكون موجودة ولا معدومة مثل العالمية والقادرية ونحو ذلك والمراد بالصفة مالا يعلم ولا يخبر عنه بالاستقلال بل بتبعية الغير والذات بخلافها وهي لا تكون إلا موجودة أو معدومة بل لا معنى للموجود إلا ذات لها صفة الوجود وللمعدوم إلا ذات لها صفة العدم والصفة لا يكون لها ذات فلا تكون موجودة ولا معدومة فلذا قيد بالصفة واحترز بقولهم بموجود عن صفات المعدوم فإنها تكون معدومة لا حالا وبقولهم لا موجودة عن الصفات الوجودية مثل السواد والبياض وبقولهم ولا معدومة عن الصفات السلبية قال الكاتبي وهذا الحد لا يصح على مذهب المعتزلة لأنهم جعلوا الجوهرية من الأحوال مع أنها حاصلة للذات حالتي الوجود والعدم قلنا إنما يتم هذا الاعتراض لو ثبت ذلك من أبي هاشم وإلا فمن المعتزلة من لا يقول بالحال ومنهم من يقول بها لا على هذا الوجه ثم قال وأول من قال بالحال أبو هاشم وفصل القول فيه بأن الأعراض التي لا تكون مشروطة بالحياة كاللون والرائحة لا توجب لمن قامت به حالا ولا صفة إلا الكون فإنه يوجب لمحله الكائنية وهي من الأحوال وأما الأعراض المشروطة بالحياة فإنها توجب بمحالها أحوالا كالعلم للعالمية والقدرة للقادرية وزعم القاضي وإمام الحرمين أن كل صفة فهي توجب للمحل حالا كالكون الكائنية والسواد الأسودية والعلم العالمية ومنهم من خالف في نفي كون المعدوم ثابتا وهم أكثر المعتزلة حيث زعموا أن المعلوم إن كان له كون في الأعيان فموجود وإلا فمعدوم فلا واسطة بينهما وباعتبار آخر المعلوم إن كان له تحقق في نفسه وتقرر مثبت وإلا فمنفي وكل ما له كون في الأعيان فله تقرر في نفسه من غير عكس فيكون الموجود أخص من الثابت وكل ما لا تقرر له في نفسه لا كون له في الأعيان وليس كل مالا كون له لا تقرر له فيكون المنفي أخص من المعدوم فيكون بعض المعدوم لا منفيا
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»