القدماء أنا نخرج من نقطة خطين كتنافي مثلث ولا خفاء في أنهما كلما يمتدان يزداد البعد بينهما فلو امتدا إلى غير النهاية كان زيادة البعد بينهما إلى غير النهاية واعترض عليه ابن سينا بأن اللازم منه ازدياد البعد إلى غير النهاية بمعنى أنه لا ينتهي إلى بعد لا يكون فوقه بعد أزيد منه وهو ليس بمح وإنما المحال وجود بعد بينهما يمتد طوله إلى غير النهاية وهو ليس بلازم فقرره بأنا نصل بين نقطتين متقابلتين من الخطين المفروضين خطا ولنسم بالبعد الأصل وامتداد الخطين حينئذ بالامتداد بالأصل فلكون تزايد الأبعاد يحسب تزايد الامتداد لزم من عدم تناهي الامتداد وحود زيادات على البعد الأصلي غير متناهية لأن نسبة زيادة البعد على البعد الأصل نسبة زيادة الامتداد على الامتداد الأصل وإذ قد أمكن تساوي الزيادات فلنفرضها كذلك ولكون كل زيادة مع المزيد عليه موجودة في بعد لزم وجود بعد مشتمل على الزيادات المتساوية الغير المتناهية لأن ذلك معنى حصول كل زياد ة مع المزيد عليه ولزم كونه غير متناه لأن زيادة الأجزاء المقدارية بالفعل إلى غير النهاية توجب عدم تناهي المقدار المشتمل عليها بحكم الضرورة أو بحكم امتناع التداخل وإنما فرض الزيادات متساوية احترازا عما إذا كانت متناقضة فإن انقسام المقدار ربما ينتهي إلى ما لا يقبل الانقسام بالفعل فلا يلزم وجود البعد الغير المتناهي أولا يظهر وأما في صورة التزايد فلا خفاء في أن الزائد مثل وزيادة فاللزوم فيه أظهر ولما كان في هذا التقرير تطويل مع كون استلزام عدم تناهي الزيادات لوجود بعد غير متناه محل بحث ونظر لخص صاحب الإشراق في بعض تصانيفه البرهان بأنا نفرض بعد ما بين الخطين دائما بقدر امتدادهما فلو امتدا إلى غير النهاية كان ما بينهما غير متناه ضرورة أن المتناهي لا يكون مساويا لغير المتناهي وعلى قدره وهذا اللزوم واضح لا يمكن منعه إلا مكابرة لكن لما كان في إمكان المفروض نوع خفاء قرره بعضهم بأنا نفرض زاوية مبدأ الخطين ثلثي قائمة وللزوم تساوي الزاويتين الحادثتين من الخط الواصل بين كل نقطتين متقابلتين من ساقي المثلث ولزوم كون زواياه مساوية لقائمتين لزم أن يكون كل من الزاويتين ثلثي قائمة ولزم من تساوى زوايا المثلث تساوي أضلاعه كل ذلك لما بينه أقليدس فيلزم من عدم تناهي الخطين عدم تناهي ما بينهما وحاول صاحب الإشراق سلوك طريق يوجب كون زاوية مبدأ الخطين ثلثي قائمة فاخترع البرهان الترسي وتقريره أنا نخرج من مركز جسم مستدير كالترس مثلا ستة خطوط قاسمة له إلى ستة أقسام متساوية فيكون كل من الزوايا الست ثلثي قائمة وكذا كل من الزاويتين الحادثتين من الخط الواصل بين كل نقطتين متقابلتين من كل ضلعين فيصير كل قسم مثلثا متساوي الزوايا والأضلاع ويلزم من امتداد الخطين إلى غير النهاية امتداد بعد ما بينهما إلى غير النهاية ومن تردد في لزوم تساوي الزوايا والأضلاع وجوز كون وتر زاوية مبدأ الخطوط الستة أقل
(٣٢٣)