بالحركة من جهة إلى جهة وفي هذا نظر لأنه إنما يستدعي تقدم الجهة على حركة الأجزاء لا على نفس المركب وبهذا يظهر أن الاستدلال بهذا الوجه على بساطة المحدد ليس بتام (قال لا لما قبل 6) إشارة إلى رد وجهين آخرين استدل بهما على كرية المحدد أحدهما أنه لو لم يكن كريا لم يتحدد به إلا جهة القرب لأن البعد عنه غير محدد أورد بالمنع فإن الشكل البيضي أو العدسي بل المضلع أيضا يشتمل على وسط هو غاية البعد عن جميع الجوانب بحيث إذا تجاوزته صرت في القرب من جانب البتة غاية الأمر أن الأبعاد الممتدة منه إلى الجوانب لا تكون متساوية وثانيهما أنه لو لم يكن كريا لزم من حركته خصوصا على الجسم المستدير وقوع الخلاء إذ لا مالي لفرج الزوايا ورد بأنه لو فرض مقعرة مستديرا ومحدبة بيضيا ويتحرك على قطره الأطول أو عدسيا ويتحرك على قطره الأقصر لم يلزم الخلاء فإن قيل طبيعة المحدد واحدة لما سيجيء فيكون محدبة مستديرا كقوة قلنا فيكون ذلك استدلالا برأسه لا يفتقر إلى ذكر الحركة ولزوم الخلاء والشكل البيضي سطح يحيط به وقوسان متساويتان كل منهما أصغر من نصف دائرة والعدسي ما هما أعظم وكل منهما إذا أدبر على نفسه حصل مجسمة وأما كون المحدد محيط بذوات الجهات فلأن غير المحيط إنما يتحدد به القرب منه وهو ظاهر فلا يكون محددا للجهتين هف (قال ثم معنى تحديده 3) جواب سؤال تقريره أن المراد بمحدد الجهة أن كان فاعلها فلا نسلم لزوم كونه ذا وضع فضلا عن الإحاطة وإن كان قابلها فحدد العلو والسفل لا يكون واحدا ضرورة أن المركز لا يقوم بالمحدد وتقرير الجواب أن المراد به ما يتبين به وضع الجهة وظاهر أن تعين الوضع لا يكون إلا بذي الوضع وتعين السفل بوسط الأرض ليس من حيث أنه نقطة من الأرض ليكون للأرض دخل في التحديد فيتعد المحدد بل من حيث أنه مركز لمحيط فلك الأفلاك ومتحدد به ضرورة أن المحيط يتعين مركزه والمركز لا يتعين محيطه لجواز أن يحيط به دوائر غير متناهية فبهذا الاعتبار كان المحدد لجهات هو الفلك دون الأرض ودون كليهما فإن قيل سلما أن المحدد يكون واحدا محيطا بذي الجهة لكن من لين يلزم أن يكون هو المحيط بالكل ولم لا يجوز أن يكون محدد جهة النار هو فلك القمر مثلا كما هو حكم الأمكنة فإن محدد كل مكان إنما هو المحيط به وإن كان محاطا للغير بل أطباقهم على كون النار خفيفة على الإطلاق بمعنى أنها تطلب جهة الفوق مع أنها لا تطلب إلا مقعر فلك القمر بما يدل على أنه محدد جهتها قلنا المحيط إذا كان محاطا للغير لم يكن منتهى الإشارة ضرورة امتدادها إلى الغير فلم يكن محدد للجهة التي هي طرف الامتدادات ومنتهى الإشارات وهذا بخلاف المكان فإنه سطح المحيط المماس لسطح ذي المكان فطلب النار بالطبع النار بالطبع مقعر فلك القمر إنما يدل على أنه مكانه
(٣٣٦)