إلى جزئين مثلا فالجزء الذي يلي المتحرك إما أن لا يتجاوزه المتحرك بحركته إذا وصل إليه فيكون هو الجهة من غير مدخل للجزء الآخر وإما أن يتجاوزه فتلك الحركة إما حركة عن الجهة فالجهة هي الجزء الأول فقط وإما إلى الجهة فهي الثاني فقد لا يقال بل في الجهة لأنا نقول الحركة في الشيء المنقسم لا محالة تكون إما عن جهة أو إلى جهة ويعود المحذور للقطع بأن الجهة هي مقصد المتحرك لا المسافة التي تقطع بالحركة وهذا يدل على أنها لا تقبل الانقسام في مأخذ الحركة والإشارة وهو كاف في إفادة المطلوب أعني امتناع وقوع الجسم أو الحركة فيها ولا يدل على أنها لا تقبل الانقسام أصلا حتى لا تكون إلا نقطة بل ربما تكون خطا أو سطحا بقي الكلام في أن طرف كل امتداد ومنتهى كل إشارة جهة حتى تكون جهات كل جسم أطراف امتداداته فيكون على سطحه أمر الجهة نهاية جميع الامتدادات ومنتهى جميع الإشارات حتى لا يكون إلا على سطح محدد الجهات الحق هو الثاني (قال ثم أنها 3) أي الجهات غير محصورة في عدد لجو أن فرض امتدادات غير متناهية العدد في جسم واحد بالقياس إلى نقطة واحدة إلا أن المشهور أنها ست وسبب الشهرة أمران أحدهما خاصي وهو أنه يمكن أن يفرض في كل جسم أبعاد ثلثه متقاطعة ولكل بعد طرفان فيكون لكل جسم ست جهات وثانيهما عامي وهو اعتبار حال الإنسان فيما له من الرأس والقدم فبحسبهما له الفوق والتحت ومن البطن والظهر فبحسبهما القدام والخلف ومن الجنبين اللذين عليهما يد أقوى في الغالب وهي اليمنى وأخرى أضعف وهي اليسرى فبحسبهما اليمين واليسار ثم اعتبر ذلك في سائر الحيوانات بحسب المقايسة والمناسبة وكان في ذوات الأربع الفوق والتحت ما يلي الظهر والبطن والقدام والخلف ما يلي الرأس والذنب وليس شيء من الاعتبارين بواجب ليصبح انحصار الجهات في الست (قال والطبيعي منها 7) أي من الجهات جهة العلو وهي ما يلي رأس الإنسان بالطبع والسفل ما يلي قدميه بالطبع حيث لا تتبدلان أصلا والأربعة الباقية وضعية تتبدل بتبدل الأوضاع كالتوجه إلى المشرق يكون المشرق قدامه والمغرب خلفه والجنوب يمينه والشمال شماله ثم إذا توجه إلى المغرب صار المغرب قدامه والمشرق خلفه والشمال يمينه والجنوب شماله بخلاف ما إذا صار القائم منكوسا فإنه لا يصير ما يلي رجله تحتا وما يلي رأسه فوقا بل يصير رأسه من تحت ورجله من فوق والفوق والتحت بحالهما فالشخصان القائمان على طرفي قطر الأرض يكون رأس كل منهما فوق ورجلهما تحت (قال والعلو لا يلزم أن يكون بالإضافة إلى السفل 2) يريد دفع ما سبق إلى كثير من الأوهام وهو أن الفوق والتحت متضايفان لا يعقل كل منهما إلا بالقياس إلى الآخر وكذا القدام والخلف واليمين والشمال والحق أن التضايف إنما هو بين الفوق وذي الفوق وكذا البواقي وأما الجهتان فقد تنفكان في التعقل بل في الوجود كما في الأرض فإنه لا تحت لها إلا بالوهم فإن جميع أطراف
(٣٢٦)