شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٦٥
والملك وأن يفعل وأن ينفعل بل ربما يقام الدليل على نفيها أما الجوهر فلأنه بعد ثبوت الكون وتوارد الصور على المادة الواحدة فالانتقال إلى كل منها دفعي لأن الجوهر لا يقبل الأشداد فلا يكون حدوثه على التدريج وذلك لأنه لو قبل الاشتداد فإما أن يبقى في وسط الاشتداد نوع الجوهر الذي منه الانتقال فلا يكون التغير فيه بل في لوازمه أو لا يبقى فيكون ذلك انتفاء لااشتدادا وهذا منقوض بالحركة في الكيف وقد يحتج بأن المتحرك لا بد أن يكون موجودا والمادة وحدها غير موجودة لما سيجيء من امتناع وجودها بدون الصورة وتحقيقه أن الحركة في الصور إنما تكون بتعاقب الصور على المادة بحيث لا تبقى صورة زمانا وعدم الصورة توجب عدم المادة لكونها مقومة للمادة بخلاف الكيف فإن عدمه لا يوجب عدم المحل وجوابه ما سيجيء من أن تقوم المادة إنما هو بصورة ما فعدم الصورة المعينة إنما يوجب عدمها لو لم يستعقب حدوث صورة أخرى وأما ما قيل من أن تغيرات الجواهر أعني الأجسام بصورها لا تقع في زمان لأن الصور لا تشتد ولا تضعف بل تقع في آن وتغيراتها بكيفياتها وكمياتها وألوانها وأوضاعها تقع في زمان لأنها تشتد وتضعف ومعنى الاشتداد هو اعتبار المحل الواحد الثابت بالقياس إلى حال فيه غير قار تتبدل نوعيته إذا قيس ما يوجد فيه في آن ما إلى ما يوجد في آن آخر بحيث يكون ما يوجد في كل آن متوسطا بين ما يوجد في الآنين المحيطين به ويتجدد جميعها على ذلك المحل المتقوم دونها من حيث هو متوجه بتلك التجددات إلى غاية ما ومعنى الضعف هو ذلك المعنى بعينه إلا أنه يوجد في آن آخر من حيث هو متصرف بها عن تلك الغاية فالأخذ في الشدة والضعف هو المحل لا الحال المتجدد المتصرم ولا شك أن مثل هذا الحال يكون عرضا لتقوم المحل دون كل واحدة من تلك الهويات وأما الحال الذي تتبدل هوية المحل المتقوم بتبدله وهي الصورة فلا يتصور فيها اشتداد ولا ضعف لامتناع تبدلها على شيء واحد متقوم يكون هو هو في الحالين فجمع بين الوجهين مع تفصيل وتحقيق ويرد عليه ما سبق مع أنا لانم تبدل هوية المادة تبدل الصورة وقد صرح ابن سينا بأن الوحدة الشخصية للمادة مستحفظة بالوحدة النوعية للصورة لا بالوحدة الشخصية وأما المتى فذكر في النحاة أنه لا بد للحركة من متى فلو وقعت حركة في المتى لكان للمتى متى وهو باطل وذكر في الشفاء أن الانتقال فيه دفعي لأن الانتقال من سنة إلى سنة ومن شهر إلى شهر يكون دفعة ثم قال ويشبه أن يكون حالة كحال الإضافة في أن الانتقال لا يكون فيه بل يكون الانتقال الأول في كم أو كيف ويكون الزمان لازما لذلك التغير فيعرض بسببه فيه التبدل كما أن الإضافة طبيعة غير مستقلة بل تابعة لغيرها فإن كان المتبوع قابلا للأشد والأنقص فكذا الإضافة إذ لو بقيت غير متغيرة عند تغير شيوعها لزم استقلالها قال الإمام وهذا هو الحق لأن متى نسبة إلى الزمان والنسبة طبيعة غير مستقلة فهي تابعة لمعروضها في التبدل والاستقرار وكذا
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»