جازم بأن ذلك ليس بحركة وإن حركة الجسم في حالة واحدة لا تكون إلى جهتين وما ذكر في المواقف من أن هذا نزاع في التسمية ليس على ما ينبغي لأن ما ذكره الأستاذ وغيره في بيان الحيز أو الحركة إنه هذا أو ذاك ليس اصطلاحا منهم على أنا نجعله اسما لذلك وإلا لما كان لجعله من المسائل العلمية والاستدلال عليه بالأدلة العقلية معنى بل تحقيقا للماهية التي وضع لفظ الحيز أو الحركة وما يرادفه من جميع اللغات بإزائها وإثبات ذاتياتها بعد تصورها لا بالحقيقة حتى يحكم بأن هذا في حيز وذاك في حيز آخر وإن هذا متحرك وذاك ساكن (قال الطريق الثاني للفلاسفة) والمبحث الأول منه غني عن الشرح وأما الثاني فبيانه أن بعض الفلاسفة فسر الحركة بالخروج من القوة إلى الفعل على التدريج أو يسيرا يسيرا أولا دفعة وبنى ذلك على أن معنى هذه الألفاظ واضح عند العقل من غير احتياج إلى تصور الزمان المفتقر إلى تصور الحركة ونظر بعضهم إلى أن معنى التدريج أن لا يكون دفعة ومعنى الحصول دفعة أن يكون في آن وهو ظرف الزمان وهو مقدار الحركة فيكون التعريف دوريا ففسرها بأنها كمال أول لما هو بالقوة من حيث هو بالقوة والمراد بالكمال ههنا حصول مالم يكن حاصلا ولا خفاء في أن الحركة أمر ممكن الحصول للجسم فيكون حصولها كمالا واحترز بقيد الأولية عن الوصول فإن الجسم إذا كان في مكان وهو ممكن الحصول في مكان آخر كان له إمكانان إمكان الحصول في ذلك المكان وإمكان التوجه إليه وهما كمالان فالتوجه مقدم على الأصول فهو كمال أول والوصول كمال ثان ثم إن الحركة تفارق سائر الكمالات من حيث أنها لا حقيقة لها إلا التأدي إلى الغير والسلوك إليه فلا بد من مطلوب ممكن الحصول ليكون التوجه توجها إليه ومن أن يبقى من ذلك التوجه ما دام موجودا شيء بالقوة إذ لا توجه بعد الوصول فحقيقة الحركة متعلقة بأن يبقى منها شيء بالقوة وبأن لا يكون المتأدى إليه حاصلا بالفعل فتكون الحركة بالفعل كمالا للجسم المتحرك الذي هو بالقوة من جهة التأدي إلى المقصود الذي هو الحصول في المكان المطلوب فيكون كمالا أول لما بالقوة لكن من جهة أنه بالقوة لا من جهة أنه بالفعل ولا من جهة أخرى فإن الحركة لا تكون كمالا للجسم في جسميته أو في شكله أو نحو ذلك بل من الجهة التي هو باعتبارها كان بالقوة أعني الحصول في المكان الآخر واحترز بهذا عن كمالاته التي ليست كذلك كالصورة النوعية فإنها كمال أول للمتحرك الذي لم يصل إلى المقصد لكن لا من حيث هو بالقوة بل من حيث
(٢٥٩)