شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٧٣
أو على ما يتعلق به فلا استبعاد وههنا قد صدق بتضاد الطرفين حد الضدين على الحركتين لأنهما أعني الصاعدة والهابطة أمران وجوديان يمتنع اجتماعهما في زمان واحد من جهة واحدة مع كونهما نوعين من جنس بينهما غاية الخلاف وهذا بخلاف الحركة المستقيمة من نقطة من المسافة إلى نقطة مع الرجوع عنها إلى الأولى لا بطريق الصعود والهبوط فإنهما نوع واحد وبخلاف المستقيمة والمنحنية أو المنحنيتين وإن كانت إحداهما فوق والأخرى تحت فإنهما ليستا على غاية الخلاف لأن بين كل نقطتين قسيا غير متناهية والعظمى أشد انحناء فأشد مخالفة ولا يجوز أن يعتبر مطلق الانحناء لأنه لا يوجد في الخارج إلا في ضمن معين وكل معين يوجد فما فوقه أشد مخالفة منه وههنا مواضع بحث الأول أن القوس التي تماس محدب الفلك المحيط في غاية الخلاف فالحركة عليها ينبغي أن تكون ضد الحركة المستقيمة لصدق الحد بجميع شرائطه الثاني أن الصاعدة والهابطة المستقيمتين أيضا قد لا تكونان على غاية الخلاف كالصعود من وجه الأرض إلى النار والهبوط منها إليه لظهور أن الصعود إلى الفلك أشد مخالفة لذلك الهبوط والهبوط إلى مركز الأرض أشد مخالفة لذلك الصعود الثالث أن ظاهر كلامهم هو أن المعتبر في تضاد الحركتين تضاد مبدأهما وتضاد منتهيهما جميعا فالصعود والهبوط من المركز والمحيط إلى حيز من الهواء مثلا لا يكونان متضادين لاتحاد المنتهى وكذا الصعود والهبوط منه إلى المحيط والمركز لاتحاد المبدأ وقد صرح ابن سينا بأنه لا تضاد بين حركتي الماء بالطبع من فوق الهواء ومن تحت الأرض لأنهما ينتهيان إلى نهاية واحدة ولا يظهر لهذا سبب سوى ما ذكره الإمام وهو أنهما ليستا على غاية التباعد لأن البعد بين حركة النار وحركة الأرض أكثر من البعد بين صعود الماء من المركز وهبوطه عن المحيط وعلى هذا لا يتحقق التضاد في الحركات الأينية إلا بين الصعود من المركز إلى المحيط والهبوط من المحيط إلى المركز إذ فيما سوى ذلك لا يتحقق ما اعتبروه ههنا في التضاد من غاية التباعد وكون ضد الواحد واحدا وهم مصرحون بأن حركتي الحجر علوا وسفلا بالقسر والطبع متضادتان والجواب أن تضاد الحركة لتضاد ما منه وما إليه ليس من حيث الحصول فيهما إذ لا حركة حينئذ بل من حيث التوجه فيعتبر حال الجهة وجهتا العلو والسفل متميزتان بالطبع مختلفتان بالنوع متضادتان بعارض لازم هو غاية القرب من المحيط والبعد عنه بخلاف سائر الجهات الرابع أن الإمام قد اعتبر في تضاد الحركة تضاد المبدأ والمنتهى من حيث وصف المبدائية والمنتهية وذكر أن التعلق الذاتي للحركة لما كان بنفس الوصفين دون الذاتين إذ لو لم يعرض للنقطتين كونهما مبدأ وغاية للحركة لم يكن للحركة تعلق بهما أوجب تضاد الأطراف تضاد الحركات فإن قيل موجب تضاد الحركتين تضاد مبدأيهما وتضاد منتهيهما لا تضاد المبدأ والمنتهى قلنا معنى الكلام لأن المبدأ والمنتهى لما كانا متضادين كانت الصاعدة والهابطة مبدأهما متضادين لكونهما مبدأ ومنتهى
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»