بذاك فلا تتصور حركة واحدة بالشخص واقعة بمحركين قلنا الظاهر هو الأول ومعنى كونه وهميا أنه بصفة الامتداد والاجتماع لا يوجد إلا في الوهم وإلا فأبعاضها المتوهمة موجودة في الخارج لكن على التجدد والانقضاء كالزمان لا على الاجتماع والاستقرار كالخط مثلا وهذا المجموع الوهمي قد يتحد بالشخص مع تعدد المحرك كالخط الواحد يقع بعض أجزائه بفاعل وبعضها بفاعل آخر لكن ميل الإمام الرازي إلى الثاني وقد حقق القول فيه بأن الحركة بمعنى التوسط بين المبدأ والمنتهى أمر موجود في الآن مستمر باستمرار الزمان ويصير واحدا بالشخص بوحدة الموضوع والزمان وما فيه وإذا فرضت للمسافة حدود معينة فعند وصول المتحرك إليها يعرض لذلك الحصول في الوسط إن صار حصولا في ذلك الوسط وصيرورته حصولا في ذلك الوسط أمر زائد على ذاته الشخصية وهي باقية عند زوال الجسم من ذلك الحد إلى حد آخر وإنما يزول عارض من عوارضها وليس الحصول في الوسط أمرا كليا يكون له كثرة عددية لأن ذلك إنما يكون لو كان في المسافة كثرة عددية حتى يقال الحصول في هذا الحد من المسافة غير الحصول في ذلك وليس كذلك لأن المسافة متصل واحد لا أجزاء لها بالفعل فالحركة فيها عند اتحاد الموضوع والزمان لا تكون إلا واحدا بالشخص وإن أمكن فرض الأجزاء فيه كالخط الواحد وذلك لأن المعتبر في الكلية إمكان فرض الجزئيات لا الأجزاء وهو غير ممكن ههنا ثم قال هذا ما عندي في هذا الموضع المشكل العسر وأنت خبير بما بين طرفي كلامه فإن قيل كيف جاز الاكتفاء بوحدة الموضوع والزمان وما فيه في الوحدة الشخصية دون النوعية حيث احتيج إلى اعتبار وحدة ما منه وما إليه أيضا قلنا لأن المعتبر في وحدة الحركة بالشخص وحدة هذه الأمور بالشخص وفي وحدتها النوعية وحدتها بالنوع وظاهر أن وحدة ما فيه بالشخص تستلزم وحدة ما منه وما إليه ووحدته بالنوع لا تستلزم وحدتهما بالنوع كما في النمو مع الذبول والتسخن مع التبرد والتسود مع التبيض ونحو ذلك بقي ههنا بحث وهو أن تنوع الحركة وما فيه وما منه وما إليه ظاهر في الكم والكيف والوضع فإن المقادير العارضة لبدن الإنسان من الطفولية إلى الكهولة مثلا أنواع مختلفة وكذا ألوان العنب وأوضاع الفلك وأما في الأين فمشكل لأنهم يجعلون الحركة الصاعدة والهابطة بين نقطتين معينتين من الأرض والسماء مختلفتين بالنوع لاختلاف ما منه وما إليه دون ما فيه والحركة من نقطة إلى نقطة على الاستقامة وأخرى بينهما على الانحناء مختلفتين بالنوع لاختلاف ما فيه دون ما منه وما إليه والحركة على الاستقامة يمنة ويسرة فرسخا أو أكثر متفقة بالنوع لعدم الاختلاف في شيء من الأمور الثلاثة فلم يعتبروا في هذا الاتفاق والاختلاف بحال طبائع الأجسام المحيطة بالمتحرك بل بحال الأيون أنفسها وظاهر أن كون الأين الذي للحجر في أسفل الهواء مخالفا بالنوع للأين الذي في أعلاه
(٢٧٠)