مشروطا بقيام حياة بالآخر من غير عكس لمرجح يوجد في الخارج وإن لم يطلع عليه لا يقال فحينئذ تكون الحياة غير مشروطة بالبنية حيث تحققت في الجزء الآخر من غير شرط لأنا نقول عدم اشتراط قيام الحياة به بقيام حياة بالجزء الأول لا يستلزم عدم اشتراطه بوجود الجزء الأول الذي به يتحقق البنية (قال وأما الموت) فزوال الحياة ومعنى زوال الصفة عدمها عما يتصف بها بالفعل وهذا معنى ما قيل أنه عدم الحياة عما من شأنه أي عما يكون من أمره وصفته الحياة بالفعل فيكون عدم ملكة للحياة كما في العمى الطاري بعد البصر لا كمطلق العمى ولا يلزم كون عدم الحياة عن الجنين عند استعداده للحياة موتا فعلى هذا يكون الموت عدميا وقيل هو كيفية تضاد الحياة فيكون وجوديا وعلى هذا ينبغي أن يحمل ما ذكره المعتزلة من أن الموت فعل من الله تعالى أو من الملك يقتضي زوال حياة الجسم من غير حرج واحترز بالقيد الأخير عن القتل وحمل الفعل على الكيفية المضادة مبني على أن المراد به الأثر الصادر عن الفاعل إذ لو أريد به التأثير على ما هو الظاهر لكان ذلك تفسيرا للإماتة لا للموت وقد يستدل على كون الموت وجوديا بقوله تعالى * (خلق الموت والحياة) * فإن العدم لا يوصف بكونه مخلوقا ويجاب بأن المراد بالخلق في الآية التقدير وهو يتعلق بالوجودي والعدمي جميعا ولو سلم فالمراد بخلق الموت إحداث أسبابه على حذف المضاف وهو كثير في الكلام ومثل هذا وإن كان خلاف الظاهر كاف في دفع الاحتجاج (قال ومنها) أي من الكيفيات النفسانية الإدراك وقد سبق نبذ من الكلام فيه والذي استقر عليه رأي المحققين من الفلاسفة أن حقيقة إدراك الشيء حضوره عند العقل إما بنفسه وإما بصورته المنتزعة أو الحاصلة ابتداء المرتسمة في العقل الذي هو المدرك أو آلته التي بها الإدراك وهذا معنى ما قال في الإشارات إدراك الشيء هو أن تكون حقيقته متمثلة عند المدرك يشاهدها ما به يدرك على أن المراد بتمثل الحقيقة حضورها بنفسها أو بمثالها سواء كان المثال منتزعا من أمر خارج أو متحصلا ابتداء وسواء كان منطبعا في ذات المدرك أو في آلته والمراد بالمشاهدة مطلق الحضور وفي قوله يشاهدها ما به يدرك تنبيه على انقسام الإدراك إلى ما يكون بغير آلة فيكون ارتسام الصورة في ذات المدرك وإلى ما يكون بآلة فيكون في محل الحس كما في الإبصار بحصول الصورة في الرطوبة الجليدية أو في المجاور كإدراك الحس المشترك بحصول الصورة الخيالية في محل متصل به والمراد بالمشاهدة مجرد الحضور على ما هو معناها اللغوي لا الإبصار وإدراك عين الشيء الخارجي على ما هو المتعارف ليلزم فساد التفسير نعم تضمنت العبارة في جانب الإدراك العقلي تكرارا بحسب اللفظ كأنه قيل هو حضور عند المدرك حال الحضور عنده لأن ما به الإدراك العقلي هو ذات المدرك وفي جانب الإدراك الحسي تكرارا بحسب المعنى حتى كان هناك حضوران أحدهما عند المدرك والآخر عند الآلة وليس كذلك بل
(٢٢٤)