شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ١ - الصفحة ٢٢٦
عليه بحسب الخارج (قال ولما بين صورة الشيء) إشارة إلى دفع اعتراضات للإمام وغيره منها أن العلم لو كان بحصول الصورة المساوية التي ربما تسمى ماهية الشيء لزم من تصور الحرارة والاستدارة كون القوة المدركة حارة مستديرة وكذا جميع الكيفيات وهو مع ظهور فساده يستلزم اجتماع الضدين كالحرارة والبرودة عند تصورهما وجوابه أن الحار ما قام به هوية الحرارة لا صورته وماهيته وكذا جميع الصفات وفرق ما بينهما ظاهر فإن الهوية جزئية مكفوفة بالعوارض فاعلة للصفات الخارجية والصورة كلية مجردة لا تلحقها الأحكام ولا يترتب عليها الآثار وهذا لا ينافي مساواتها للهوية بمعنى أنها بحيث إذا وجدت في الخارج كانت إياها ثم الماهية والحقيقة كما نطلق على الصورة المعقولة فكذا على الموجود العيني وبهذا الاعتبار يقال تارة من أن المعقول من السماء مساو لماهيتها وتارة أنه نفس ماهيتها فضلا عن المساواة وجواب آخر وهو أن حصول الشيء للشيء يقال لمعان متعددة كحصول المال لصاحبه وبالعكس وحصول السواد للجسم وبالعكس وحصول السرعة للحركة وحصول الصورة للمادة وبالعكس وحصول كل منهما للجسم وبالعكس وحصول الحاضر لما حضر عنده وبالعكس ولزوم الاتصاف إنما هو في حصول العرض بمحله ولا كذلك حصول الحاضر لما حضر عنده وبالعكس ولزوم الاتصاف زائد وهو معلوم لنا بالوجدان ومتحقق كونه حصولا لنا وإن لم نقدر على التعبير عن خصوصيته بغير كونه إدراكا أو علما أو شعورا أو إحاطة بكنه الشيء أو ما يجري مجرى هذه العبارات ولهذا أعني لكون الحصول الإدراكي مغاير الحصول العرضي للمحل المستلزم للاتصاف لا يلزم من إدراك المعاني التي تكون من صفات النفس كالإيمان والكفر والجود والبخل ونحو ذلك اتصاف النفس بها لانتفاء الحصول الاتصافي فكيف يلزم ذلك فيما ليس من شأن النفس الاتصاف بها كالحرارة والاستدارة ونحو ذلك وإنما الكلام في أن الحصول الاتصافي هل يستلزم الحصول الإدراكي حتى يلزم دوام تعقل النفس لصفاتها على ما زعموا ثم أنهم لم يبينوا أن ذلك مبني على أن مجرد الحصول الاتصافي كاف في الادراك النفسي صفاتها أو على أنه مستلزم للحصول الإدراكي والحق أن الكل بوجود غير متأصل هو الصورة وما ذكروا من أنه لو كان كذلك لزم في إدراك النفس لذاتها عدم التمايز بين الصورة وذي الصورة ولصفاتها اجتماع المثلين مدفوع بما مر من التغاير بين الصورة والهوية وبأن التماثل المانع من الاجتماع إنما هو بين الهويتين ولو سلم فبطريق الحصول الاتصافي وبالجملة إذا كان الحصول الإدراكي غير الحصول الاتصافي ولم يتحقق كون الحصول الاتصافي لما من شأنه الإدراك مستلزما للإدراك كان عدم استلزامه فيما ليس من شأنه
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»