إيجاد الموجود وحال العدم جمع النقيضين على أن الوجه الثالث ليس بتام لأن العدم ربما يكون حادثا لا مستمرا لا يقال في الكلام اختصار والمراد أن التأثير أعم من الإيجاد والأعدام إما حال الوجود وهو باطل لأنه إيجاد الموجود ولأن العدم نفي محض وأما حال العدم وهو باطل لأنه جمع النقيضين ولأن العدم نفي محض لأنا نقول لو أريد ذلك لم يكن لقوله فلا يستند معنى الوجود إلى مؤثر لأن العدم على تقدير كونه أثرا إنما يستند إلى مؤثر العدم لا الوجود وبهذا تبين أن ليس قوله ولأنه نفي محض أو قوله ولأنه مستمر ابتداء شبهة على نفي التأثير بمعنى أن الممكن لو احتاج إلى مؤثر في وجوده لاحتاج إليه في عدمه وهو باطل لأنه نفي محض ولأنه مستمر كيف وقد أورد بعد ذلك هذه الشبهة بعينها والمذكور في كلام الإمام أن التأثير حال العدم باطل لأنه لا أثر حينئذ فلا تأثير لأنه إما عين الأثر أو ملزومه بناء على كون المعلول متأخرا عن العلة مع العلة بحسب الزمان والجواب أنا نختار أن التأثير حال الوجود فإن أريد بإيجاد الموجود الموجود بالوجود الحاصل بهذا الإيجاد فلانم استحالته كما في القابل فإن السواد قائم بالجسم الأسود بهذا السواد وإن أريد بوجود آخر سابق فلانم لزومه فإن الوجود الحاصل بالتأثير مقارن له وقد يختار أن التأثير حال العدم ولا جمع بين النقيضين لأن الأثر عقيب آن التأثير بناء على أن المؤثر سابق على الأثر بالزمان أيضا ومعنى امتناع التخلف أنه لا يتخللهما آن وكان هذا مراد من أجاب بأن وجود المؤثر يستتبع وجود الأثر على معنى أن وجود الأثر يحصل عقيب وجود المؤثر بصفة المؤثرية وهو معنى التأثير فيكون في آن عدم الأثر ويكون معنى تأثيره في الممكن إخراجه من العدم إلى الوجود ومنها أنه لو امتنع وقوع الممكن بلا مؤثر وترجحه بلا مرجح لما وقع واللازم باطل بحكم الضرورة في مثل العطشان يشرب أحد المائين والجائع يأكل أحد الرغيفين والهارب من السبع يسلك أحد الطريقين مع فرض التساوي وعدم المرجح والجواب بعد تسليم عدم المرجح عند العقل أصلا أن هذا ليس من وقوع الممكن بلا سبب وترجح أحد طرفيه بلا مرجح بل من ترجيح المختار أحد الأمرين المتساويين من غير مرجح ومخصص وهو غير المتنازع فإن قيل هذا الاختيار والترجيح أمر ممكن وقع بلا سبب وفيه المطلوب قلنا ممنوع بل إنما وقع بالإرادة التي من شأنها الترجيح والتخصيص ومنها أنه لو احتاج الممكن في وجوده إلى المؤثر لاحتاج إليه في عدمه لتساويهما واللازم باطل لأن العدم نفي محض لا يصلح أثرا والجواب أن العدم إن لم يصلح أثرا منعنا الملازمة لجواز أن يتساوى الوجود والعدم بالنظر إلى ذات الممكن لكن لا يحتاج العدم إلى المؤثر لعدم صلوحه لذلك بخلاف الوجود فإن المقتضى فيه سالم عن المانع وإن صلح أثرا منعنا بطلان اللازم وهو ظاهر وتحقيقه أنه وإن كان نفيا صرفا بمعنى أنه ليس له شائبة الوجود العيني لكن ليس نفيا صرفا بمعنى أن لا يضاف إلى ما يتصف بالوجود بل هو عدم مضاف إلى الممكن الوجود فيستند إلى عدم علة وجوده بمعنى
(١٢٥)