وتحقيق المسألة أن قوله - إلا إلى ثلاثة مساجد - استثناء والمستثنى منه محذوف مقدر فالنزاع في المستثنى منه المحذوف المقدر فهم يزعمون أن الأصل - لا تشد الرحال إلى مكان أو إلى شئ واستثنى من ذلك شد الرحال إلى ثلاثة مساجد فالمقدر عندهم عام يشمل القبور وغيرها - ونحن نرى: أن المستثنى منه المحذوف خاص والأصل: لا تشد الرحال إلى مسجدا وإلى مصلى إلا إلى ثلاثة مساجد فالمقدر عندنا لا يشمل القبور ولا غيرها مما تشد إليه الرحال إلا - المسجد والمصلى - والحجة عندنا أن الأصل في الكلام طلب إفهام السامع والحذف ينافي ذلك في الأصل فيجب أن لا يكون الحذف إلا حيث يفهم السامع المحذوف لقرينة حالية أو مقالية أو عرف في تركيب الكلام، وهنا في حديث شد الرحال قد وجدت القرينة الحالية والمقالية وهي عندما قدمناه من شد الرحال إلى غير الثلاثة المساجد مستمرا كثيرا للأغراض المختلفة الدينية والدنيوية وعدم تقديم الصحابة عند كل سفر السؤال عن جوازه أو عدم جوازه لكونه إلى غير الثلاثة المساجد والآيات والأحاديث ولعل حجة المخالفين: إن العرف في تركيب مثل هذا الكلام هو العموم لكل شئ ونحن لا نسلم ذلك إلا حيث عدمت - قرينة الخصوص بحيث يكون تقدير خاص دون خاص تحكما فيقدر العموم للحاجة إليه مع عدم قرينة الخصوص أما مع قرينة الخصوص فلا تحتاج إلى تقديره فلا نسلم أن عرف العرب تقديره مع قرينة المقدر الخاص وأيضا قد اتفقنا نحن وأنتم على دلالة الحديث أنها لا تشد الرحال
(١٠)