وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٤٩
وتقليد غيره!! قال أبو شامة: فالمزني امتثل أمر إمامه في النهي عن تقليده فخالفه في هذه المسألة (1).
26 - قال السيوطي: " ما زال السلف والخلف يأمرون بالاجتهاد ويحضون عليه، وينهون عن التقليد ويذمونه ويكرهونه، وقد صنف في ذم التقليد كالمزني وابن حزم وابن عبد البر وأبي شامة وابن قيم الجوزية وصاحب البحر المحيط " (2).
وكتاب السيوطي - الرد على من أخلد إلى الأرض وأنكر أن الاجتهاد في كل عصر فرض - أكبر دليل على محاربة السيوطي لتقليد الأئمة الأربعة ودعوته للاجتهاد.
27 - يقول ابن حزم: " كل من قلد صحابيا أو تابعيا أو مالكا أو أبا حنيفة أو الشافعي أو أحمد... يبرؤن منه في الدنيا والآخرة...
وأيضا فإن هؤلاء الفقهاء - يقصد الأئمة الأربعة - قد نهوا عن تقليدهم وتقليد غيرهم، فقد خالفهم من قلدهم... ".
قال: " وهل أباح مالك وأبو حنيفة والشافعي (3) قط لأحد تقليدهم؟ حاشا لله من هذا، بل والله قد نهوا عن ذلك ومنعوا منه، ولم يفسحوا لأحد فيه...
ولا يحل لأحد أن يقلد آخر لا حيا ولا ميتا، ولا أن يتبع أحدا دون رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا قديما ولا حديثا، ومن التزم بطاعة إنسان بعينه بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان قائلا بالباطل، ومخالفا لما عليه جماعة الصحابة وجميع التابعين أولهم عن آخرهم، وجميع تابعي التابعين بلا خلاف من أحد منهم...، ويكفي في إبطال التقليد أن القائلين به مقرون على أنفسهم بالباطل، لأن كل طائفة من الحنفية والمالكية والشافعية مقرة بأن التقليد لا يحل، وأئمتهم الثلاث قد نهوا عن تقليدهم، ثم مع ذلك خالفوهم وقلدوهم، وهذا عجب ما مثله عجب، حيث أقروا ببطلان التقليد ثم دانوا الله بالتقليد. وأيضا، فإنهم مجمعون معنا على أن جميع أهل عصر الصحابة لم يكن فيهم واحد فما فوقه

1 - انظر الرد، السيوطي: ص 143.
2 - المصدر السابق: ص 42.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»