وركبت السفينة - مروان خليفات - الصفحة ٥٠
يقلد صاحبا أكبر منه، فيأخذ قوله كله. وإن جميع أهل عصر التابعين لم يكن فيهم واحد يقلد صاحبا أو تابعا أكبر منه فيأخذ بقوله كله، فصح يقينا أن هؤلاء المقلدين الذين لا يخالفون من قلدوه قد خالفوا إجماع الأمة كلها وهذا عظيم جدا.
وأيضا، من الذي خص أبا حنيفة ومالكا والشافعي بأن يقلدوا، دون أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي... والزهري، والنخعي...
وأيضا، فأن هذه الطوائف كلها مقرة بأن عيسى ابن مريم (عليه السلام) سينزل ويحكم أهل الأرض...
فهل يحكم إذا نزل برأي أبي حنيفة أو مالك أو الشافعي؟ معاذ الله بل يحكم بما أوحى الله إلى أخيه (صلى الله عليه وآله وسلم)... ".
وقال عن الشافعي: " ولم يزل (رحمه الله) في جميع كتبه ينهى عن تقليده وتقليد غيره، هكذا حدثني القاضي أبو بكر همام بن أحمد، عن عبد الله بن محمد الباجي، عن القاضي أسلم بن عبد العزيز بن هشام، عن أبي إبراهيم المزني، عن الشافعي، فترك هؤلاء القوم ما أمرهم به أسلافهم، وعصوهم في الحق، واتبعوا آراءهم، تقليدا وعنادا للحق " (1).
28 - قال ابن الجوزي: " اعلم أن المقلد على غير ثقة فيما قلد فيه، وفي التقليد إبطال منفعة العقل لأنه خلق للتأمل والتدبر... واعلم أن عموم أصحاب المذاهب يعظم في قلوبهم الشخص فيتبعون قوله من غير تدبر بما قال، وهذا عين الضلال، لأن النظر ينبغي أن يكون إلى القول لا إلى القائل " (2).
29 - قال ابن تيمية: " وهؤلاء الأئمة - أي الأربعة - نهوا الناس عن تقليدهم في كل ما يقولون، وذلك هو الواجب " (3).

1 - الإحكام في أصول الأحكام - مبحث التقليد.
2 - تلبيس إبليس: ص 124 - 125، وذكره عنه الشوكاني في قوله المفيد: ص 66.
3 - مجموع فتاوى ابن تيمية: 20 / 211.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»