ثم كان القرن الثالث وفيه كان أبو حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل، فإن مالكا توفي سنة تسع وسبعين ومئة... وكانوا على منهاج من مضى، لم يكن في عصرهم مذهب رجل معين يتدارسونه. وعلى قريب منهم كان أتباعهم فكم من قول لمالك ونظرائه خالفه فيه أصحابه، ولو نقلنا ذلك لخرجنا عن مقصود ذلك الكتاب...
فالتعجب من أهل التقليد، كيف يقولون هذا هو مقصود الأمر القديم، وعليه أدركنا الشيوخ، وهو إنما حدث بعد مئتي سنة من الهجرة؟! " (1).
12 - قال ابن خويز منداد البصري المالكي: " كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين متبوع والتقليد ممنوع " (2)!!
13 - قال ابن عبد البر - حافظ المغرب - " إنه لا خلاف بين أهل الأعصار في فساد التقليد " (3) " وفي القرآن آي كثيرة في ذم تقليد الآباء والرؤساء " وبعد أن ذكر الآيات قال: " وهذا كله نفي للتقليد وإبطال لمن فهمه وهدي لرشده " (4).
14 - قال القاضي عبد الوهاب - أحد أئمة المالكية - في أول كتابه المقدمات في أصول الفقه: " والتفقه من التفهم والتبين، ولا يكون ذلك إلا بالنظر في الأدلة واستيفاء الحجة دون التقليد، لأن التقليد لا يثمر علما ولا يفضي إلى معرفة، وقد جاء النص بذم من أخلد إلى تقليد الآباء والرؤساء واتباع السادات والكبراء... (إنا وجدنا آباءنا