وقد عد ابن تيمية كثرة التفرق والاختلاف والفتن بين المذاهب في بلاد الشرق من أسباب تسليط الله التتار عليها، قال: "... وكل هذا التفرق والاختلاف الذي نهى الله ورسوله عنه، وكل هؤلاء المتعصبين بالباطل، المتبعين الظن وما تهوى الأنفس، المتبعين لأهوائهم بغير هدى من الله، مستحقون للذم والعقاب " (1).
30 - قال ابن القيم الجوزية: " وقد نهى الأئمة عن تقليدهم وذموا من أخذ أقوالهم بغير حجة... فإن طريقتهم كانت اتباع الحجة والنهي عن تقليدهم...
وأعجب من هذا أن أئمتهم - أي المقلدين، بالفتح - نهوهم عن تقليدهم فعصوهم وخالفوهم، وقالوا: نحن على مذاهبهم، وقد دانوا بخلافهم في أصول المذهب الذي بنوا عليه، فإنهم بنوا على الحجة، ونهوا عن التقليد، وأوصوهم إذا ظهر الدليل أن يتركوا أقوالهم ويتبعوه، فخالفوهم في ذلك كله...
وأعجب من هذا أنهم مصرحون في كتبهم ببطلان التقليد وتحريمه...
فيا لله العجب!! ماتت مذاهب أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومذاهب التابعين وتابعيهم وسائر أئمة الإسلام، وبطلت جملة، إلا مذاهب أربع أنفس فقط من بين سائر الأئمة والفقهاء، وهل قال ذلك أحد من الأئمة أو دعا إليه، أو دلت عليه لفظة واحدة من كلامه عليه؟! والذي أوجبه الله تعالى ورسوله على الصحابة والتابعين وتابعيهم هو الذي أوجبه على من بعدهم إلى يوم القيامة، لا يختلف الواجب ولا يتبدل " (2).
وقد ذكر ابن القيم واحدا وثمانين وجها في إبطال تقليد الأئمة الأربعة فراجعه إن شئت (3).
31 - والشاطبي الأندلسي لا يقر الاعتماد على الرجال وتقليدهم كما يظهر ذلك