قلت: ولا أعرف فيه أجل ولا أفحل من برهان إمام الحرمين، فبينهما في الحسن عموم وخصوص، وكان رجوع أبي المظفر عن مذهب أبي حنيفة في دار والي البلد ميكائيل بحضور أئمة الفريقين في شهر ربيع الأول سنة ثمان وستين وأربعمائة، واضطرب أهل مرو، وأدى الأمر إلى تشويق العوام والخصومة بين أهل المذهبين، وأغلق باب الجامع الأقدم، وترك الشافعية الجمعة إلى أن وردت الكتب من جهة ميكائيل من بلخ في شانه والتشديد على، فخرج من مرو ليلة الجمعة أول ليلة من شهر رمضان سنة ثمان وستين وأربعمائة، وصحبه الشيخ الأجل ذو المجد ابن أبي القاسم المسوي وطائفة من الأصحاب، وسار إلى طوس، ثم قصد نيسابور، واستقبلوه استقبال عظيما حسنا، وكان في نوبة نظام الملك وعميد الحضرة أبي سعد محمد بن منصور، فأكرم مورده وأنزل في عز وحشمة، وعقد له مجلس التذكير، وكان بحذاقته حافظا لكثير ن الحكايات والنكت والأشعار، فظهر له القبول عند الخاص والعام واستحكم أمره في مذهب الشافعي والتذكير وعلا شانه، وقدمه نظام الملك على أقرانه وكان خليقا بذلك من أئمة المسلمين وأعلام الدين، يقول:
ما حفظت، شيئا نسيته، وجميع تصانيفه على مذهب الشافعي (رض) ولم يوجد له شئ على مذهب أبي حنيفة. توفي يوم الجمعة ثالث عشري ربيع الأول سنة تسع وثمانين أربعمائة بمرو (إلى أن قال السبكي) قال ابن السمعاني في الرسالة القوامية - وكأنه صنفها لنظام الملك - في تقديم أدلة الإمامة: قال أهل السنة: أبو بكر (رض) أفضل الصحابة في جميع الأشياء قال: وجملة من وسم بالنفاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نيف وثمانون رجلا " (1).