مناظرات في العقائد والأحكام - الشيخ عبد الله الحسن - ج ٢ - الصفحة ٢٤
أو جعلهم شركاء لله سبحانه في صفاته وأفعاله، فهو مشرك ونجس يجب الاجتناب والابتعاد عنه.
وأما قولهم: يا علي أدركني، أو: يا حسين أعني، وما إلى ذلك، فليس معناه: يا علي أنت الله أدركني! أو: يا حسين أنت الله فأعني! بل لأن الله عز وجل جعل الدنيا دار وسائل وأسباب، وأبى الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها، فنعتقد أن النبي (صلى الله عليه وآله)، وآله هم وسيلة النجاة في الشدائد، فنتوسل بهم إلى الله سبحانه. (1)

(١) قال تعالى - حكاية عن أولاد يعقوب لما اعترفوا بذنوبهم وأرادوا التوبة جاؤوا إلى أبيهم -:
* (قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين، قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم) * يوسف / ٩٧ و ٩٨.
فلو كان التوسل وطلب الحاجة من غير الله شركا فلماذا لم ينههم يعقوب عنهما، بل نراه قد أيدهم على طلبهم ووعدهم بالاستغفار لهم؟! وما الذي دعى أولاد يعقوب للتوبة بهذه الصورة فيجعلونه واسطة بينهم وبين الله، فلماذا لا يستغفرون الله من دون وساطة أحد من المخلوقين؟!! هذا مما يدل على أن المرتكز في الأذهان والثابت عندهم عمليا أن الولي الذي له مقام عند الله إذا شفع أو توسل به في مسألة من المسائل شفعه الله فيها، وما ذلك إلا لمقامه عنده، وكونه وسيلة من الوسائل إليه تعالى، ولذا من مننه تعالى على هذه الأمة أن جعل النبي (صلى الله عليه وآله) رحمة لهم ووسيلة يلتجئون إليه قال تعالى: * (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) * * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) * وقال تعالى: * (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) * النساء / ٦٤، وفي هذه الآية الكريمة أخذ القرآن يوبخ أولئك الذين لم يجعلوا النبي (صلى الله عليه وآله) وسيلة لهم فيما بينهم وبين الله تعالى، ولم يستفيدوا من وجوده المبارك، وربما يقول قائل: إن هذا جائز في حال حياته أما بعد مماته فلا، لكونه شركا بالله تعالى؟ نقول لهؤلاء: إذا كان هذا يعد شركا فلا فرق في عدم جوازه سواء كان في حياته أو بعد مماته، فإن الشئ لا ينقلب عما هو عليه، وإذا كان جائزا فلا فرق سواء كان في حياته أو بعد مماته، إذ أن النبي (صلى الله عليه وآله) أتاه الله الدرجة الرفيعة، وهو الوسيلة إلى الله في الدنيا والآخرة، فلا بدع لو توسل به المؤمن في كل يوم وقال: يا وجيها عند الله اشفع لنا عند الله.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست