مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٥٣٣
وعندما يقول (الله أكبر) يلغي أمام عظمة الله تعالى كل أفكار الذهن البشري وأوهامه عنه تعالى، وكل الأوصاف والحدود، فهو سبحانه أكبر من أن يوصف.
ثم يبدأ كلامه مع الله تعالى، والصلاة كلام الإنسان مع الله، والقرآن كلام الله مع الإنسان، لكن الإنسان يبدأ كلامه مع الله بكلام الله تعالى، لأنه لا يمكن للإنسان أن يحمد الله إلا بما علمه الله من حمده، وبحرمة كلام الله تعالى يصير كلام الإنسان لائقا لأن يسمع (سمع الله لمن حمده).
* والصلاة لابد أن يقرأ فيها بفاتحة الكتاب بمقتضى (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) (1)، وكما أن القرآن الذي هو كلام الخالق مع الخلق يبدأ بسورة الحمد، فكذلك الصلاة التي هي تكلم الخلق مع الخالق، تبدأ بسورة الحمد.
والمصلي لابد أن يأتي بالحمد والسورة بقصد القراءة، لكن الوصول إلى حقيقة الصلاة إنما يحصل بالتوجه إلى المعاني والإشارات واللطائف التي في أفعال الصلاة وأقوالها، ولذا نشير إلى بعض خصائص سورة الحمد:
تضمنت هذه السورة المباركة خلاصة الإسلام، ففيها معرفة المبدأ والمعاد، وفيها أسماء الله تعالى وصفاته، وهي عهد الإنسان مع الله، وعهد الله للإنسان.
وحسب بعض الروايات (2) فإن اسم الله الأعظم موزع فيها.
وتمتاز سورة الحمد بأن الله تعالى قسمها بينه وبين عبده، فنصفها إلى (مالك يوم الدين) لله تعالى، ونصفها الآخر من آية (إهدنا الصراط المستقيم) إلى آخرها للإنسان، وآية (إياك نعبد وإياك نستعين) مشتركة لله تعالى وعباده، العبادة لله

(٥٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 528 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 ... » »»