توسيع الإسلام لمفهوم الإنفاق والصدقة وسع الإسلام مفهوم الإنفاق والصدقة ولم يحصرهما بعطاء المال، بل جعل أي نوع من مساعدة الضعيف وإرشاد الأعمى إلى الطريق صدقة، وجعل بذل ماء الوجه من أجل مساعدة المحتاجين زكاة الجاه والمقام، وبالجملة فلم يكتف بالمساعدة في الأمور المادية فقط وقال: {ومما رزقناهم ينفقون} (1)، والرزق ما يكون به قوام حياة الإنسان من أي جهة كان، ولهذا قال الإمام الصادق (عليه السلام): " ومما علمناهم يبثون " (2).
إشارة إلى الآثار الاجتماعية للإنفاق إن ما تقدم ليس إلا نبذة من حكمة تشريع الإسلام للزكاة والصدقات، هذا التشريع المقدس الذي يطهر نفوس الأغنياء من كدورة البخل والحرص والطمع وصدئها، ويطهر أموالهم من حقوق الفقراء التي هي بمنزلة دمائهم فلا يبتلى الغني بضغط الدم ولا الفقير بفقر الدم، ويوثق العلاقة بين الطبقة الغنية والفقيرة، ويبدل العلاقة بينهما من الغل إلى الألفة، ويقلل الفاصلة بين هاتين الطبقتين اللتين يتكون منهما المجتمع.
وهو تشريع يسد حاجات الفقراء، في ظل حفظ كرامتهم، ويطفئ نار حسد الفقراء بماء رحمة الإنفاق الذي استمن الغني من الفقير في ذلك الإنفاق، وحفظ - في حصار الزكاة والصدقات - أموال الأغنياء التي هي بمنزلة الدم في شريان المجتمع، وحفظ قوة نظامه الاقتصادي وسلامته، ولذا عبر أمير المؤمنين (عليه السلام) عن