مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٥٣٦
تعالى تعد على حرمته، والهتك والتعدي على حرمة غير المتناهي لا يقاس بالتعدي على حرمة غيره، فصاحب العظمة غير المتناهية حرمته غير متناهية!
ومعصية الذي حقه ونعمته على الإنسان لا تعد ولا تحصى، لابد أن تجازى بما يناسبها.
والذنب الذي يرتكبه الإنسان مع ربه ليس بالأمر السهل كما قد يتخيل، فإن الطاقة التي يصرفها فيه حصيلة الكون، إذ حياته مترابطة مع الكون، فالذنب الذي يرتكبه الإنسان خيانة لما يسعى اليه عالم الكون.
لذلك كان لابد من كتاب وحساب وجزاء بالعدل، في ذلك اليوم العظيم، الذي وصفه الله تعالى بقوله: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} (1).
إن المصلي العارف عندما يقرأ (مالك يوم الدين) ترتعد فرائصه، ولذا كان إمام العارفين وزين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) عندما يصل إليها يكررها ويبكي، حتى يكاد أن يموت (2).
إن آيتي (الرحمن الرحيم) و (مالك يوم الدين) تعطيان المصلي جناحي الخوف والرجاء، فيعرف بهما رحمة الله وعزته، فيطمع بالأولى بالمغفرة والثواب، ويرى في الثانية المجازاة والعقاب!
الالتفات إلى الخطاب

(٥٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 ... » »»