والسلام على من اتبع الهدى) (1).
ونكتفي بذكر هذه الأحاديث ولم نتعرض لشرحها لأن في كل حديث، بل في كل جملة كنوز من العلم والمعرفة، نشير إلى جملة من هذا الحديث، وهي قوله (عليه السلام): (فإذا أردت العلم فاطلب أولا في نفسك حقيقة العبودية)، بل إلى كلمة منها وهي حقيقة العبودية.
فإن العبودية إما اعتبارية تدور مدار اعتبار من بيده الاعتبار، وإما حقيقية، وهي عبودية الفقير بالذات للغني بالذات.
ومن عرف نفسه علم أنه لا يملك نفسه ولا يملك لنفسه شيئا، لا نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، وعرف ربه بما قال أبو عبد الله (عليه السلام): لا يكون الشئ لا من شئ إلا الله، ولا ينقل الشئ من جوهريته إلى جوهر آخر إلا الله، ولا ينقل الشئ من الوجود إلى العدم إلا الله) (2) وعلم أن كل ما سوى الله نسبته إلى إرادة الله نسبة الصور القائمة بالأذهان إلى التفات الإنسان، مع ما به التفاوت بين النسبتين، بأن النسبة والمنتسبين في الصور العلمية تزول بالسنة والنوم، والأعيان والأذهان قائمة بالحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، وليس لقيوميته ولخالقيته مثل، ولكنه قال سبحانه: {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب} (3).
فمن تأمل في خلق الذباب وما أعطاه الله من القوى والأعضاء والجوارح،