والزهد في زخارف الدنيا (اللهم لك الحمد على ما جرى به قضاؤك في أوليائك الذين استخلصتهم لنفسك ودينك، إذا اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال بعد أن شرطت عليهم الزهد في درجات هذه الدنيا الدنية) (1).
ويظهر هذا لمن تأمل في حياة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وابتلائهم بطواغيت الزمان، والمصائب التي جرت عليهم وعلى أولادهم ومن اختص بهم.
وقد ابتلى السبط الأكبر بمصيبة تظهر عظمتها من مقايسة أصحابه بأصحاب أخيه الحسين (عليه السلام)، لما قام الحسين خطيبا في أصحابه، وقال: فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما، قال زهير بن القين: ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيه مخلدين لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها.
وقال هلال بن نافع البجلي: والله ما كرهنا لقاء ربنا، وإنا على نياتنا وبصائرنا، نوالي من والاك ونعادي من عاداك.
وقال برير بن خضير: والله يا ابن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك فتقطع فيك أعضاؤنا ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة (2).
وفي الصحيح عن علي بن الحسين (عليهما السلام): كنت مع أبي في الليلة التي قتل في صبيحتها، فقال لأصحابه: هذا الليل فاتخذوه جنة، فإن القوم إنما يريدوني، ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم، وأنتم في حل وسعة، فقالوا: والله لا يكون هذا أبدا، فقال: إنكم تقتلون غدا كلكم، ولا يفلت منكم رجل، قالوا: الحمد لله الذي شرفنا بالقتل معك (3).
وأما الحسن (عليه السلام) فخطب بعد وفاة أبيه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما والله