مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٣٤١
هاشم إلى آخر الدهر، ومعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت (1).
هذا بعض ما ظهر من حكمة قعوده عن قتال معاوية، وما خفي أكثر، وعن أبي سعيد قال: قلت للحسن بن علي بن أبي طالب: يا بن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته، وقد علمت أن الحق لك دونه، وأن معاوية ضال باغ؟ فقال: يا أبا سعيد ألست حجة الله تعالى ذكره على خلقه، وإماما عليهم بعد أبي؟ قلت: بلى. قال: ألست الذي قال رسول الله لي ولأخي: الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا؟ قلت: بلى، قال: فأنا إذن إمام لو قمت، وأنا إمام إذا قعدت، يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله لبني ضمرة وبني أشجع، ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية، أولئك كفار بالتنزيل، ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل، يا أبا سعيد إذا كنت إماما من قبل الله تعالى ذكره لم يجب أن يسفه رأيي فيما أتيت من مهادنة أو محاربة، وإن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا، ألا ترى الخضر (عليه السلام) لما خرق السفينة، وقتل الغلام، وأقام الجدار سخط موسى فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه، حتى أخبره، فرضي، هكذا أنا، سخطتم علي بجهلكم بوجه الحكمة فيه، ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل (2).
وفي الرواية نكات لابد من التأمل فيها:
الأولى: إرشاده (عليه السلام) إلى حكم العقل والكتاب والسنة، فإن الإمام من الله على خلقه - لعلمه وعصمته - إمام على العقول والأفكار، ولا يمكن أن يجعل الحكيم اللطيف الخبير من يحتاج إلى الإرشاد مرشدا، ولا من لم يكن معصوما عن الخطأ والاعوجاج هاديا إلى الصراط المستقيم، وعاصما للأمة على الدين القويم.
فاتباع من جعله الله حجة وإماما ضرورة عقلية، لأنه يهدي بأمر الله، وقد حكم الكتاب بالرد إليه، وقرن الرد إليه بالرد إلى الرسول {ولو ردوه إلى الرسول وإلى

(١) الاحتجاج للطبرسي ج ٢ ص ١٠.
(٢) علل الشرائع ج ١ ص ٢١٠، باب 159 العلة التي من أجلها صالح.. ج 2.
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»