مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٣٤٠
القيامة.
ومعاوية هو الذي كتب عنه أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى زياد بن أبيه: إن معاوية كالشيطان الرجيم يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فاحذره، ثم احذره، ثم احذره، والسلام (1).
إلا أن الذي كان ينظر بنور الله، وينطق بحكمة الله، ويفعل بإرادة الله، بقعوده عن القتال أبطل الباطل، وأحق الحق، وحفظ عزة الرسول، ومقام الرسالة، وحرمة الوصي، ومنصب الإمامة، ومنع عن إراقة دماء الأمة، وصان كيان الإسلام، لكيلا يترصد الكفار لاغتنام الفرصة من تشتت المسلمين.
عن سدير قال: قال أبو جعفر (عليه السلام) ومعي ابني: يا سدير اذكر لنا أمرك الذي أنت عليه، فإن كان فيه إغراق كففناك عنه، وإن كان مقصرا أرشدناك، قال: فذهبت أن، أتكلم فقال أبو جعفر (عليه السلام): أمسك حتى أكفيك، إن العلم الذي وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند علي من عرفه كان مؤمنا ومن جحده كان كافرا، ثم كان من بعده الحسن (عليه السلام)، قلت: كيف يكون بتلك المنزلة وقد كان منه ما كان دفعها إلى معاوية؟ فقال: اسكت، فإنه أعلم بما صنع، لولا ما صنع لكان أمر عظيم (2).
وما أضمره معاوية وإن كان بينا لمن كان من أهل المعرفة بالتاريخ، ومع ذلك قد بين كما في رواية الجهني عنه (عليه السلام): والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما، فوالله لئن أسالمه وأنا عزيز، خير من أن يقتلني وأنا أسيره، أو يمن علي فتكون صبة على بني

(١) بحار الأنوار ج ٣٣ ص ٥١٩ - الغارات ج ٢ ص ٩٢٧ - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١٦ ص ١٨٢ ومصادر أخرى.
(٢) علل الشرائع ج ١ ص ٢١٠، باب 159 العلة التي من أجلها صالح الحسن صلوات الله عليه ح 1.
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»