مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٢٦١
ودخل أبو جعفر (عليه السلام) على أبيه (عليه السلام) فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، وقد اصفر لونه من السهر، ورمضت عيناه من البكاء، ودبرت جبهته وانخرم أنفه من السجود، وورم ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة، قال أبو جعفر (عليه السلام): فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء، فبكيت رحمة له، وإذا هو يفكر، فالتفت إلي بعد هنيئة بعد دخولي، وقال: يا بني أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن أبي طالب، فأعطيته فقرأ منها شيئا يسيرا، ثم تركها من يده تضجرا، وقال: من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب (1)؟!
شجاعته (عليه السلام) شجاعته (عليه السلام) أظهر من الشمس، هو الذي قتل في بدر ستا وثلاثين من أبطال المشركين، وأخذ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من يده قبضة من حصباء الوادي ورمى في وجوه المشركين، وقال: شاهت الوجوه، فنزلت {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} (2) فأخذه الحصباء من يد علي، ونفي الله الرمي عن رسوله، وإثباته لنفسه، يكفي لبيان منزلة علي من رسول الله (3).

(١) مناقب آل أبي طالب ج ٤ ص ١٩٤ - الإرشاد ج ٢ ص ١٤٢، مكارم الأخلاق ص ٣١٨، الخرائج والجرائح ج ٢ ص ٨٩١، كشف الغمة ج ٢ ص ٢٩٧، إعلام الورى باعلام الهدى ج ١ ص ٤٨٧.
(٢) سورة الأنفال: ١٧.
(٣) مجمع الزوائد ج ٦ ص ٨٤، المعجم الكبير ج ١١ ص ٢٢٧، تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٣٠٧، جامع البيان ج ٩ ص ٢٧١ الدر المنثور ج ٣ ص ١٧٥، زاد المسير ج ٣ ص ٢٢٦ ومصادر أخرى للعامة.
تفسير العياشي ج ٢ ص ٥٢، تفسير جوامع الجامع ج ٢ ص ١٣، تفسير الصافي ج 2 ص 287، مناقب آل أبي طالب ج 1 ص 189، ومصادر أخرى للخاصة.
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»