تفسير جوامع الجامع - الشيخ الطبرسي - ج ٢ - الصفحة ١٣
لم تقتلوهم * (ولكن الله قتلهم) * بأن أنزل الملائكة، وألقى الرعب في قلوبهم، وقوى قلوبكم * (وما رميت) * أنت يا محمد (صلى الله عليه وآله) * (إذ رميت) * (1)، وذلك أن قريشا لما جاءت بخيلائها (2) أتاه جبرئيل فقال: خذ قبضة من تراب فارمهم بها، فقال لعلي (عليه السلام): أعطني قبضة من حصباء الوادي، فأعطاه، فرمى بها في وجوههم، وقال: شاهت الوجوه، فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه، فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم * (ولكن الله رمى) * حيث أثرت الرمية ذلك الأثر العظيم، أثبت الرمي لرسول الله لأنه وجد منه صورة، ونفاه عنه معنى لأن أثره الذي لا يدخل في قدرة البشر فعل الله عز وعلا، فكأنه فاعل الرمية على الحقيقة، وكأنها لم توجد من الرسول أصلا. وقرئ: " ولكن الله قتلهم... ولكن الله رمى " (3)، * (وليبلى المؤمنين) * وليعطيهم * (بلاء) * عطاء * (حسنا) * جميلا، قال زهير:
وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو (4) والمعنى: وللإحسان إلى المؤمنين والإنعام عليهم فعل ما فعل، ولم يفعله إلا لذلك * (إن الله سميع) * لأقوالهم * (عليم) * بأحوالهم.
* (ذا لكم وأن الله موهن كيد الكافرين (18) إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغنى عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين (19) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا

(١) قال الزجاج: ليس هذا نفي رمي النبي (صلى الله عليه وآله) ولكن العرب خوطبت بما تعقل. انظر معاني القرآن: ج ٢ ص ٤٠٦.
(٢) الخال والخيلاء والخيلاء: الكبر. (الصحاح: مادة خيل).
(٣) قرأه ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف. راجع التبيان: ج ٥ ص ٩٣.
(4) وصدره: جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم. وهو من قصيدة يمدح بها سنان بن أبي حارثة المري شيخ بني مرة من غطفان، ومعناه واضح. انظر ديوان زهير: ص 61.
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»