مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٢٥٨
قويت حين ضعف أصحابه، وبرزت حين استكانوا، ونهضت حين وهنوا، ولزمت منهاج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ هم أصحابه، [و] كنت خليفته حقا، لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين وغيض الكافرين وكره الحاسدين، وصغر [ضغن] الفاسقين، فقمت بالأمر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا، ومضيت بنور الله إذا وقفوا، فاتبعوك فهدوا، وكنت أخفضهم صوتا، وأعلاهم قنوتا، وأقلهم كلاما، وأصوبهم نطقا، وأكبرهم رأيا، وأشجعهم قلبا، وأشدهم يقينا، وأحسنهم عملا، وأعرفهم بالأمور.
كنت والله يعسوبا للدين أولا وآخرا، الأول حين تفرق الناس، والآخر حين فشلوا، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا، ورعيت ما أهملوا، وشمرت إذ [إذا] اجتمعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ أسرعوا، وأدركت أوتار ما طلبوا، وناروا بك ما لم يحتسبوا.
كنت على الكافرين عذابا صبا ونهبا، وللمؤمنين عمدا وحصنا، فطرت والله بنعمائها، وفزت بحبائها، وأحرزت سوابقها، وذهبت بفضائلها، لم تفلل حجتك، ولم يزغ قلبك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك ولم تخر [ولم تخل].
كنت كالجبل لا تحركه العواصف، وكنت كما قال آمن الناس في صحبتك وذات يدك، وكنت كما قال ضعيفا في بدنك، قويا في أمر الله، متواضعا في نفسك، عظيما عند الله، كبيرا في الأرض، جليلا عند المؤمنين.
لم يكن لأحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز، [ولا لأحد فيك مطمع،] ولا لأحد عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»