ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة، فبكيت حين رأيته بتلك الحال، فالتفت إلي وقال:
يا بني أعطني بعض الصحف التي فيها عبادة علي بن أبي طالب.
فأعطيته، فقرأ فيها يسيرا (1) ثم تركها، وقال: من يقوى على عبادة أمير المؤمنين عليه السلام. (2) وكل هذا خرق للعادة ملحق بالأعلام الباهرة.
وكان عليه السلام في صباه عالما حكيما، وأطرى (3) الصادق عليه السلام، عليا عليه السلام، فقال:
ما عرض له أمران قط هما لله رضا، إلا أخذ بأشدهما عليه في دينه.
وما نزلت برسول الله صلى الله عليه وآله نازلة إلا دعاه ثقة به.
وما أطاق علم (4) رسول الله صلى الله عليه وآله من هذه الأمة غير علي عليه السلام وإن كان ليعمل عمل رجل كان وجهه بين الجنة والنار، يرجو ثواب هذه، ويخاف عقاب هذه.
ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في طلب وجه الله تعالى، مما كد بيده، ورشح منه (5) جبينه، وإن كان ليقوت أهله بالزيت والخل والعجوة.
وما كان لباسه إلا الكرابيس (6) إذا فضل شئ عن يده (7) من كمه دعا بالجلم (8) فقصه.