مقدمة في أصول الدين - الشيخ وحيد الخراساني - الصفحة ٢٦٦
خلف منه، وحقيقة الخلافة تقتضي أن يقوم الخليفة مقام المستخلف عنه بتحمل ما كان يتصداه وما يتوقع منه، فهو بدل عنه، به يملأ خلأ فقدانه، لهذا فإن بدلية الخليفة عن المستخلف عنه وقيامه مقامه تستوجب تناسبا خاصا بينهما، تدور الخلافة مداره وجودا وعدما، فلا يستخلف عن الشمس إلا القمر الذي بنوره يسد خلأ ضيائها، ولا تكون الظلمة خليفة للنور، ولا الجاهل بدلا عن العالم، ولا الفاقد قائما مقام الواجد.
فعندما تحصل غيبة أو فقد لمن يكون في الذروة العليا من الحكمة النظرية والعملية، يقوم مقامه من يتلوه في الحكمتين، لا من يكون فاقدا لهما، ولا من هو في المراتب النازلة منهما.
الثاني: لابد أن يتأمل في أن المستخلف عنه، وهو الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) من هو؟ وما يترقب منه بالنسبة إلى الأمة ما هو؟
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الإنسان الكامل الذي فاق النبيين والمرسلين في جميع ما أعطاهم الله من الكمالات العلمية والعملية، والآيات التدوينية والتكوينية.
والغرض من بعثته خروج استعداد نوع الإنسان للكمالات الممكنة له من القوة إلى الفعل - حتى ويبلغ من الفضائل إلى مقامات يغبطه بها الملأ الأعلى، ويباهي الله به ملائكة السماء - واحقاق الحق فيعطي كل ذي حق حقه وإقامة الناس بالقسط بما أنزل إليه من الكتاب والميزان {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»