التمسك به: فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن، فإنه شافع مشفع وماحل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدل على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل وله ظهر وبطن، فظاهره حكم، وباطنه علم، ظاهره أنيق وباطنه عميق، له تخوم، وعلى تخومه تخوم، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى، ومنار الحكمة، ودليل على المعروف [المعرفة] لمن عرفه [عرف الصفة]) (1).
هذا هو الكتاب الذي قد تجلى الله لخلقه فيه، وقد عرفه من أنزله بما ذكر من الآيات، ومن أنزل عليه بهذه الكلمات، فما أجل قدر من وصفه النبي بمعية هذا الكتاب.
فهو الذي يكون مع ظاهر القرآن بحكمته، ومع باطن القرآن بعلمه، ومع عجائبه التي لا تحصى وغرائبه التي لا تبلى، وبهذه المعية، عنده ما أنزل الله على جميع أنبيائه من الكتاب والحكمة، وعلمه حملة علمه من عزائم أمره وغوامض أسراره.
ومن كان عنده علم من الكتاب كان قادرا على أن يأتي بعرش بلقيس قبل أن يرتد طرف سليمان، فما أرفع مكان من هو مع الكتاب بكل ما فيه!
وهو الأذن الواعية في قوله تعالى: {وتعيها أذن واعية} (2)، على ما رواه أعلام التفسير والحديث (3)، وهو الذي قال: سلوني فوالله لا تسألوني عن شئ إلا أخبرتكم وسلوني