وهل رأى الدهر حاكما امتدت حكومته من مصر إلى خراسان، فرأى امرأة تحمل قربة ماء، فأخذ منها القربة إلى دارها، وسأل عن حالها، ثم قضى ليلته تلك قلقا مما رأى من حال المرأة ويتاماها، حتى إذا أصبح حمل إليهم الزاد، وطبخ لهم الطعام، وجعل يلقم الصبيان، فلما عرفته المرأة واعتذرت إليه، قال:
" بل واحيائي منك يا أمة الله "! (1).
وجاء إلى السوق، ومعه غلام له، وهو خليفة، فاشترى قميصين وألبس الغلام أحسنهما ولبس الآخر، ليرضي رغبة الشاب بحب الزينة (2).
ومن رأى حاكما تحت يده خزائن الذهب والفضة، وهو يقول: (والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها؟) (3).
وفي كل مرة يفرغ من تقسيم الغنائم يصلي ركعتين فيقول: " الحمد لله الذي أخرجني منه كما دخلته " (4).
عرض - في زمن خلافته - سيفه في السوق للبيع وقال: " فوالله لو كان عندي ثمن إزار ما بعته " (5).
وما أصيب بمصيبة إلا صلى في ذلك اليوم ألف ركعة، وتصدق على ستين