مدينة النجف - محمد علي جعفر التميمي - الصفحة ١٦
به ثم ما تكاد تغيب الشمس في كثير من الأمسية والعشايا حتى تسطع الكواكب أو يبزغ " ملك الليل " من ناحية المشرق يتهادى في سماء صافية الأديم صحيحة الهواء إلى أن يغمر الصحراء أو الكون بأشعته الفضية فيتكون من ذلك منظر آخر لا يقل في روعته عن المنظر السابق، ولا ينفك يذكي خيال النجفي الحساس ويغذيه غذاء لا ينفذ معينه ولا ينقطع مادته أضف إلى ذلك توفر العزلة والسكون في تلك الأرجاء، فالنجف قد انتبذت ناحية عن الطرق العامة في العراق، وطبيعة البلد هادئة لا تعكر صفوها ضوضاء العمال، أو الزراع المنتشرين في سقي الفرات.
فمن تلك المناظر الرائعة أحيانا التي تبعث على التأمل وتيقظ الشعور والوجدان ومن ذلك السكون الذي لا يثمر التأمل إلا في ظله استوحى كثير من شعراء النجف أشعارهم الوجدانية وهاموا في كل واد.
وأصبحت تلك الناحية بيئة صالحة لتنمية الخيال وإرهاف الشعور، سخية بإنتاج الشعراء إنتاجا فاض عن حاجتها، وربما جعل عنصر الخيال في حياتها أقوى من عنصر الحقيقة.
ولا يؤخذ على الشاعر النجفي على الأكثر إلا نقص أو ضيق بين في ثقافته وإلا
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»