مدينة النجف - محمد علي جعفر التميمي - الصفحة ١٧
حاجته الظاهرة إلى استكمال أدوات هذا الفن كما يتطلبه هذا العصر وهو نقص أو حاجة تستدعيها حالة البلد وأنها لا تعد في الحواضر الكبير ولا في الأمصار الغنية الجامعة.
هذا ومن الحقائق المسلمة أن الشعر يتسم إلى حد بعيد بميسم العصر الذي ينشأ فيه، ولما كان الخمول والجمود والتقليد البحث من خصايص هذه العصور الأربعة الأخيرة وصفاتها العامة، فقد تأثر بها شعر الشعراء لا في النجف وحدها، بل في العالم العربي بأسره، فغلب عليه التكلف والتقليد وندر الابتكار والتوليد.
وإذا أنت سبرت قصائد القوم المنظومة في هذه البرهة ألفيتها على الأكثر ترديدا سخيفا لما قاله الأقدمون في لفظه ومعناه تقرأها فتقرأ فيها التصنع والضعف وتروى لك فيروى معها التخريف والأوهام وما زال الأمر كذلك إلى عهد قريب، أدركنا نحن أواخره كما أدركنا بداية هذا العصر الحديث، فعصرنا هذا إذا عصر يختلف بطبيعته عن سابقه من حيث أنه عصر اليقظة والانتباه ومحاولة التحرر والانعتاق من قيود التقليد والعادات بل هو عصر الحوادث الجسام والماجريات العظام التي هزت النفوس وأثارت الأفكار فلا بدع أن يتأثر ما يقال من الشعر في مثل هذا العصر بأخص خصائصه وأحواله.
ومن هذه الناحية ظهر الشعر العصري الموسوم بسمة هذا العصر تقرأه
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»