مدينة النجف - محمد علي جعفر التميمي - الصفحة ١٣
عدا من نبغ في الحيرة نفسها من شعراء وخطباء أنجبتهم قبائل (أياد) و (العباد) وغيرهما من قبائل الحيرة المشهورة وربما سبق الحيريون إلى إنشاء أول مجمع للأدب الجاهلي إذا صح ما رواه علماء الأدب من أن المعلقات جمعت في الحيرة وأن النعمان بن المنذر أمر فنسخت له أشعار العرب في الكراريس ثم دفنها في قصره الأبيض فلما وثب المختار بالكوفة سنة 66 قيل له إن تحت القصر كنزا فاحتفره فأخرج تلك الأشعار، فمن ثم أهل الكوفة أعلم بالشعر من أهل البصرة. وإذا صح ما يروي عن هشام بن الكلبي من أنه استخرج أخبار ملوك الحيرة عن بعض صحفهم.
فعلى هذا كان في الحيرة تدوين وكانت صحف وكراريس وبالجملة كان أدب جاهلي وكانت ثقافة حيرية عربية على الاجمال، ومما لا شك فيه أن الخط الكوفي المعروف إنما تفرع عن الخط الحيري الذي انتشر في بلاد العرب في أواخر أدوار الجاهلية، ولا بد مع الخط من مخطوطات ومكتوبات فلذلك نحن لا نميل إلى نفي قصة المختار بتاتا وإن كان أصلها وهو حماد الرواية متهما بوضعه لطائفة من الشعر الجاهلي وكذلك الأمر في رواية ابن الكلبي والروايتان تدلان إجمالا على تدوين شئ من الشعر والتاريخ الجاهلي في مدينة الحيرة على إننا لا نصحح كثيرا مما نقلوه أو رووه في هذا الباب، ففيه المنحول وفيه المدسوس
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»