مدينة النجف - محمد علي جعفر التميمي - الصفحة ١٤
بلا ريب.
أما النجف بعد الفتوح ودخول العراق في حوزة المسلمين فقد أصبحت جزءا من الكوفة وقد مصرت الكوفة من قبل الفاتحين في جوار الحيرة ولم تمض على تمصيرها أعوام قليلة حتى بدت على المسلمين أعراض جديدة لا عهد لهم بها من قبل ومن مظاهرها الفتور والسأم من الحرب والقتال والميل إلى الأدب والدراسة شأن الأمم التي تنتقل من حال إلى آخر في مطالبها وأوضاعها الاجتماعية وهكذا مال الكوفيون بكليتهم إلى الأدب والثقافة وعقد المحافل والمجالس لهذه الغاية وبالغوا في الأمر بحيث أثر على سجاياهم الحربية تأثيرا أرمض قادتهم وجعل الإمام عليا ينحي باللائمة عليهم وكيف لا يكون كذلك والفروسية قلما اجتمعت مع الحضارة ومظاهرها من الأدب والدراسة فهما خلقان متفاعلان في كثير من الأحيان كلما قوي أحدهما أضعف الآخر ولما شعر الإمام علي (ع) باستفحال الأمر أي بما يجلبه التعمق في الأدب على جنده وأصحابه من ضعف خلق الرجولة والكفاح فيهم حاول اصلاحهم وحملهم على التمسك بأخلاقهم الماضية وانبرى لتقريعهم قائلا في إحدى خطبه البليغة " تركتكم عدتم إلى مجالسكم حلقا عزين تضربون الأمثال وتناشدون الأشعار تربت أيديكم نسيتم الحرب واستعدادها وأصبحت قلوبكم فارغة من ذكرها "
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»