مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦٢ - الصفحة ٢٤٧
وأجهشت للتوباذ (1) حين رأيته * وكبر للرحمن حين رآني وأذريت دمع العين لما أتيته * ونادى بأعلى صوته فدعاني فقلت له: أين الذين رأيتهم * بجنبك في خفض وطيب زمان؟!
فقال: مضوا واستودعوني بلادهم * ومن ذا الذي يبقى على الحدثان؟!
ضرورة أنه لا سؤال هنا، ولا جواب، ولا تكبير، ولا نداء، ولا دعاء، وإنما هي مجازات على سبيل التمثيل والتصوير.
ومثله قول بعضهم (2):
وقالت له العينان: سمعا وطاعة * وحدرتا كالدر لما يثقب وقال مزاحم العقيلي (3):
بكت دارهم من أجلهم فتهللت * دموعي فأي الجازعين ألوم؟!
وكانوا إذا أخبروا عن عظم المصاب بموت الواحد من عظمائهم يقولون: بكته السماء والأرض، وأظلمت لفقده الشمس والقمر..

(١) التوباذ: جبل بنجد، انظر: معجم البلدان ٢ / ٦٤ رقم ٢٦٦٩.
(٢) (٣) انظر: الأغاني ١٩ / ١٠٥.
ومزاحم بن الحارث، أو: مزاحم بن عمرو بن مرة بن الحارث، من بني عقيل ابن كعب بن عامر بن صعصعة.
شاعر غزل بدوي من الشجعان، كان معاصرا لجرير والفرزدق، وسئل كل منهما: أتعرف أحدا أشعر منك؟ فقال الفرزدق: لا، إلا أن غلاما من بني عقيل يركب أعجاز الإبل وينعت الفلوات فيجيد. وأجاب جرير بما يشبه ذلك. وقيل لذي الرمة: أنت أشعر الناس! فقال: لا، ولكن غلام من بني عقيل يقال له مزاحم، يسكن الروضات، يقول وحشيا من الشعر لا يقدر أحد أن يقول مثله.
انظر: خزانة الأدب ٦ / ٢٥٦، الأعلام ٧ / 211.
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 252 253 ... » »»
الفهرست