مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٥ - الصفحة ١٢٦
وحينئذ لا يعرف مراد المتكلم بالضبط، أو فعلا فيجهل مراد الفاعل، فالمجمل إذا هو اللفظ أو الفعل الذي لا ظاهر له، وقد يسمى بالمبهم، ولا فرق بينهما إلا من جهة التسمية.
وأما المفصل، وقد يسمى بالمبين أيضا، ولا فرق بينهما: فهو كل لفظ أو فعل له ظاهر يدل على مراد المتكلم أو قصد الفاعل.
ومن غير شك أن فهم الخبر غير الواضح في حكم، لا يتم إلا بالرجوع إلى الواضح في ذلك الحكم نفسه. وهذا هو المراد واقعا من حمل المجمل على المفصل.
ولهذا نجد أن الشيخ الطوسي (قدس سره) قد عني عناية واضحة بجميع الأخبار المجملة، وذلك بالرجوع إلى الأخبار المفصلة، ليؤكد بذلك لأنصاف المتعلمين ونظائرهم بأن ما أثاروه حيال الأخبار المروية عن أهل البيت (عليهم السلام) لا حقيقة له ولا واقع، لأنها لم تكن في حقيقتها متعارضة ما دام الضابط الكلي في الخبرين تكاذب دليلهما على وجه يمتنع اجتماع صدق أحدهما مع صدق الآخر، حتى ضرب بذلك أروع الأمثلة الدالة على دوره العظيم في تنقيح الأخبار وتهذيبها مع الكشف عن دلالتها وحقيقتها.
ومن طرائقه في ذلك هو حمل المجمل على المفصل - كما أشرنا إليه -، وله أمثلة شتى في التهذيبين:
منها: ما أخرجه مضمرا في باب الرجل يشتري المملوكة فيطأها فيجدها حبلى، بسنده عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، قال: سألته عن الرجل يشتري الجارية فيقع عليها فيجدها حبلى؟ قال: " يردها ويرد معها
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست