وهذا لا يعني أن جميع ما في التهذيب أو الإستبصار من تأويل هو بهذه المثابة، كما يعلم من مراجعة فتاوى ابن إدريس الحلي في السرائر، ولكن الإنصاف اقتضى التنبيه على وجود الكثير من التأويل الذي لم يغادر الوصف المذكور.
هذا، وجدير بالإشارة هو أن الشيخ الطوسي (قدس سره) لا يذكر الأخبار المختلفة في أوائل أبواب كتابيه التهذيب والاستبصار أبدا، وإنما يستفتحها دائما بالأحاديث المتفقة التي هي في الواقع مستند الشيخ المفيد في المقنعة، ثم يذكر بعد ذلك بعض ما خالفها من الأخبار، ثم يؤول تلك الأخبار بما يتفق ودلالة ما قدمه قبل ذلك من الأخبار المتفقة.
وعلى هذا فهو لا يحتاج إلى ذكر مؤيدات التأويل من الأثر بعده، بل تكفي الإحالة في ذلك إلى ما في أوائل الأبواب، ولكنه مع هذا لم يترك تأويلاته في الغالب بلا شاهد جديد مضاف.
وهذا مما ينبغي الالتفات إليه في مقام معرفة قوة التأويل الموقوفة على معرفة رتبة مؤيداته، وعليه سيكون تقييم التأويل بالنظر إلى شواهده اللاحقة غير مجز ما لم يتم النظر إلى مؤيداته السابقة.
بل وحتى النظر إلى كلا القسمين غير كاف في المقام، لاحتمال وجود مؤيدات أخر في باب آخر من التهذيب كما سنبينه بعد قليل.
وإذا لوحظ منهجه في الاختصار كما تقدم علم أيضا بأن ما ذكر من مؤيدات وشواهد لصحة التأويل لا يدل على عدم وجود نظائرها في غير التهذيب، لما مر من أنه ليس من طريقة الشيخ ذكر جميع ما استقصاه من الأخبار المتفقة.