فبطريق أولى كان يسمح لأمته بكتابة حديثه خوفا من الضياع.
على أن في صدر الرواية عن زيد قول الراوي: دخل زيد بن ثابت على معاوية فسأله عن حديث، فأمر إنسانا يكتبه، فقال له زيد: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمرنا أن لا نكتب شيئا من حديثه، فمحاه (1).
وفي نص آخر: إن السائل المريد للكتابة هو مروان بن الحكم (2) لا معاوية بن أبي سفيان.
ومن الثابت جزما أن معاوية ومروان كانا من أشد المانعين للتدوين، فكيف أرادا - أو أراد أحدهما - تدوين هذا الحديث؟!!
إن هذا تضارب صريح تخفى وراءه أهداف؟!
مع أن هذه الرواية تدلك على أن الحكام كانوا يريدون إباحة التدوين لأنفسهم دون غيرهم، أي يريدون تثبيت ما يرتضونه وترك ما لا يرتضونه، لما فيه من مصلحة لهم.
على أن زيدا ادعى نهي الرسول عن التدوين دون أن ينقل النص الناهي، إذ لعل زيدا استنتج ذلك خطأ من واقعة ما، أو حديث ما، ونحن غير ملزمين بفهم زيد، وإنما يلزمنا قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو فعله أو تقريره، وهو غير مذكور في المقام.
* * *