يستشيرهم في أمر التدوين بقوله: " وإني ذكرت قوما قبلكم كتبوا كتبا، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشئ أبدا " (1)، فلا يستبعد بعد هذا أن يكون أنصار الخليفة وراء نسبة هذا القول إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، خصوصا مع ملاحظة كون الراوي هنا هو أبو هريرة الدوسي الذي اتهم صريحا من الصحابة بالكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في أحاديثه (2).
الثانية: وهو الكلام في الجملة الثانية من رواية أبي هريرة، التي تدعي تشريع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لحرق الكتب، لقول الراوي: " فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد، ثم أحرقناه بالنار ".
وهذا باطل النسبة إليه (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يجز حرق التوراة والإنجيل المحرفين (3)، فكيف به يجيز حرق مفسر القرآن ومبينه وما فيه اسم الله وأحكامه؟!
نعم، إن الحرق هو الآخر من فعل الشيخين، إذ ثبت عن الخليفة الأول حرقه لأحاديثه الخمسمائة (4)، وثبت عن عمر حرق مثله (5)، فلا غرابة أن نقول بأن هذا الحرق المدعى من وضع أتباع الخلفاء، إذ ترى الشيخين لم ينسبوا فعلهما (الحرق) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وهذا يؤكد حقيقة أن الإحراق هو من فعل الشيخين لا من سيرة