مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٣ - الصفحة ١٤٣
الرسول، فلو كان الحرق شرعيا لاستندوا إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) واحتجوا لفعلهم بفعله، وحينما لم تكن لهم تلك الحجة الشرعية اضطر اللاحقون لأن يضعوا هذه الفقرة على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لتصحيح فعل السابقين.
الثالثة: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " تحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " فإن لنا على هذه المقولة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤاخذتين رئيسيتين:
أولاهما: أن الثابت عند المسلمين أن ترك القرآن والانصراف إلى ما سواه منهي عنه ومحرم شرعا، لكن الادعاء بأن الاشتغال بغير القرآن يؤدي إلى تركه ثم تطبيق ذلك على السنة النبوية فيه من المسامحة ما لا خفاء فيه، لأن الثابت أن ما يؤدي إلى ترك القرآن هو ما يكون منافيا له، كالأخذ بالتوراة والإنجيل وما فيهما من العقائد والآراء، وأما العناية بمفسر القرآن ومبينه فلا مجال لعده موجبا لترك القرآن وهجرانه.
وثانيتهما: أنه كيف ساغ السماح بالتحديث عن بني إسرائيل بلا حرج، مع وقوفنا على النواهي النبوية المتكررة عن الأخذ بأقوال أهل الكتاب؟!
فنحن لو تأملنا تحذير الله ورسوله وتخوفه على الدين من دور بني إسرائيل في الشريعة، وتأثر الناس بهم في صدر الإسلام، حتى إنهم كانوا يسألون اليهود في أحقية اتباع دين محمد وعدمه، فلو جمعنا كل هذه الحقائق لعرفنا حقائق أخرى مهمة في التشريع الإسلامي.
ولا أدري كيف يمكن للمطالع أن يصدق سماح الرسول بالتحديث عن بني إسرائيل، مع حظره المدعى عن حديثه، وهو الصادق المصدق؟!
بل كيف يجيز حرق حديثه ونراه لا يسمح بحرق التوراة والإنجيل؟!
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست