مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٣ - الصفحة ١٤٤
فلو كان الانكباب على كتابة حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يشغل الناس عن الأخذ بالكتاب، فكذلك هو التحديث بأحاديث الرسول - مع احتمال فرض الانشغال به - فكيف يجوزون التحديث ولا يجوزون الكتابة؟!!
الرابعة: إن مرويات المنع عن أبي هريرة تعارض ما رواه - هو - عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وأنه كان أكثر حديثا منه لأنه كان يكتب ما يسمع (1).
فلو صح رأيه ونقله الأول (2) لصارت مرويات عبد الله بن عمرو بن العاص كلها ساقطة عن الحجية وباطلة، لعدم عمله بأمر الرسول بعدم كتابتها، بل يلزم علينا وعلى أبي هريرة حرق مدونة عبد الله بن عمرو وغيره لكونها منهي عنها، وبعد هذا فلا معنى لوجود مدونة لعبد الله بن عمرو وغيره.
وإن صح رأيه ونقله الثاني، فالخبر الأول سيكون باطلا لمشروعية الكتابة عند المسلمين وسيرتهم العملية فيها، لكتابة عبد الله بن عمرو وغيره عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومما يؤيد صحة الخبر الثاني ما جاء عن ابن نهيك وإشهاد أبي هريرة على صحة ما نقله من كتابه، أو ما جاء عن همام بن المنبه من أنه جمع أحاديث أبي هريرة في كتاب وسماه: الصحيفة الصحيحة، فهذه النصوص تخدش صحة النقل الأول عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وترجح وضعه بأخرة خدمة للحكام وتعليلا لآرائهم وأفعالهم.
* * *

(1) تقييد العلم: 82، جامع بيان العلم 1 / 70، مسند أحمد 2 / 248 و 403.
(2) أي المبحوث عنه هنا، وهو نهي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الكتابة وسماحه بالتحديث.
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست