مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٤٠
يا هشام!: قلة المنطق حكم عظيم، فعليكم بالصمت، فإنه دعة حسنة، وقلة وزر، وخفة من الذنوب، فحصنوا باب الحلم، فإن بابه الصبر، وإن الله عز وجل يبغض الضحاك من غير عجب والمشاء إلى غير إرب، ويجب على الوالي أن يكون كالراعي لا يغفل عن رعيته ولا يتكبر عليهم، فاستحيوا من الله في سرائركم كما تستحيون من الناس في علانيتكم، واعلموا أن الكلمة من الحكمة ضالة المؤمن، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع، ورفعه غيبة عالمكم بين أظهركم (1) (2).
يا هشام! تعلم من العلم ما جهلت، وعلم الجاهل مما علمت، عظم العالم لعلمه، ودع منازعته، وصغر الجاهل لجهله، ولا تطرده (3)، ولكن

(١) " حكم عظيم " الحكم: الحكمة.
" فإنه دعة حسنة " الدعة: السكون والراحة.
" والمشاء إلى غير إرب " المشاء: الكثير المشي، والإرب: الحاجة.
" واعلموا أن الكلمة من الحكمة ضالة المؤمن " المراد أن المؤمن يأخذ الحكمة من كل من وجدها عنده، وإن كان كافرا أو فاسقا، كما أن صاحب الضالة يأخذها حيث وجدها، وقيل: المراد أن من كان عنده حكمة لا يفهمها ولا يستحقها يجب أن يطلب من يأخذها بحقها كما يجب تعريف الضالة، وإذا وجد من يستحقها وجب أن لا يبخل في البذل كالضالة.
" بين أظهركم " قال ابن الأثير في النهاية 3 / 166: في الحديث " فأقاموا بين ظهرانيهم وبين أظهرهم... والمراد بها أنهم أقاموا بينهم على سبيل الاستظهار، والاستناد إليهم، وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيدا، ومعناه أن ظهرا منهم قدامه وظهرا وراءه، فهو مكنوف من جانبيه، ومن جوانبه إذا قيل: بين أظهرهم، ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا.
(2) أخرج هذه القطعة في عوالم العلوم 3 / 205 ح 10 عن التحف.
(3) " ولا تطرده " ولا تبعده.
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة