مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥١ - الصفحة ٤٤٤
به، وليست المكافأة أن تصنع كما صنع حتى ترى فضلك، فإن صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء (1).
يا هشام! إن مثل الدنيا مثل الحية مسها لين، وفي جوفها السم القاتل، يحذرها الرجال ذوو العقول، ويهوي إليها الصبيان بأيديهم.
يا هشام! اصبر على طاعة الله، واصبر عن معاصي الله، فإنما الدنيا ساعة، فما مضى منها فليس تجد له سرورا ولا حزنا، وما لم يأت منها فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اغتبطت (2).
يا هشام! مثل الدنيا مثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله.
يا هشام! إياك والكبر، فإنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر، الكبر رداء الله، فمن نازعه رداءه أكبه الله في النار على وجهه (3).

(١) " وليست المكافأة أن تصنع... " أي له الفضيلة بسبب ابتدائه بالإحسان فهو أفضل منك.
(٢) في بعض النسخ: احتبطت، وفي بحار الأنوار: اعتبطت.
قال ابن الأثير في النهاية ٣ / ١٧٢: كل من مات بغير علة فقد اعتبط، ومات فلان عبطة أي شابا صحيحا.
و " قد اغتبطت " أي إن صبرت فعن قريب تصير مغبوطا في الآخرة يتمنى الناس منزلتك.
(٣) " الكبر رداء الله " قال ابن الأثير في النهاية 1 / 44: في الحديث " قال الله تبارك وتعالى: العظمة إزاري، والكبرياء ردائي "، ضرب الرداء والإزار مثلا في انفراده بصفة العظمة والكبرياء، أي ليستا كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازا كالرحمة والكرم وغيرهما، وشبههما بالإزار والرداء لأن المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الإنسان، ولأنه لا يشاركه في إزاره وردائه أحد، فكذلك الله تعالى لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد.
ومثله الحديث الآخر: " تأزر بالعظمة، وتردى بالكبرياء، وتسربل بالعزم ".
(٤٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة